الثلاثاء، 28 يوليو 2015

مقالات| بُورد.. ويَوْميَّات النِّسيَان (الجزء2) .. بقلم : سعيد البوبكاري

بقلم :  سعيد البوبكاري

صِرَاطُ التَّلاَمِيذ.. !!
في بورد يتضامن الصغار مع الكبار، هم يدا واحدة في المواحهة، فمن جملة ما يتركه الكبار ويرثه الصغار، القنطرة المؤدية إلى إعدادية الجماعة، فهي امتحان أولي لولوج التلاميذ إلى المؤسسة، عرضها يقل عن المتر، مع غياب للحواجز الجانبية، مما يشكل خطرا على كل من يَعْبُرُها.


وقد حدث مرارا أن عجزت هيئة التدريس عن عبور القنطرة، أثناء ازدياد منسوب المياه، وسرعة جريان الوادي.

 مُنْعَرَجَاتُ الْمَوْت !
لا شك أن الطريق السالكة الجيدة، علامة على ازدهار المدن والجماعات الواقعة عليها والمؤدية إليها، لكن القاعدة لا تستقيم مع بورد إلا بعكسها، فالجماعة تُسْفِرُ على وجهها التعيس، من خلال طريقها الكارثية، حبلى بالحفر، ضيقة، وغياب لعلامات التشوير... ما يدل على أن يد الترميم لمْ تَحْنُ عليها منذ زمن طويل. ويكفي وجود علامة تحديد السرعة (علامة الأربعين 40)، على مدخل الجماعة، دليلا على مدى التهميش والنسيان. فمنذ سنوات، ومع مدونة السير الجديدة، تم تعويض لوحات الأربعين بلوحات الستين، لتحديد السرعة على مداخل التجمعات السكنية، ولتدل في الآن ذاته على ولوج المدار الحضري. لكن بقيت بورد وراء لوحة الأربعين القديمة، لوحة صدئة متآكلة، فهي كالشجرة التي تخفي وراءها غابة من المعاناة.

خِزَانَةُ الدَّوَاء !
مع كل سُعْلَة، أو نزلة برد، أو وجعة حامل، يقبض البورديون أنفاسهم، لانعدام ثقتهم في المركز الصحي، الذي لا يعدو أن يكون خزانة متواضعة لدواء تخفيف أوجاع الرأس والبطن. مركز يفتقد لوحدة التوليد، تمتص آلام الحوامل، واحتياجات الأجنة، وأنَّات المواليد. وكأن على المواليد أن يولدوا خارج بورد، وكأن على المحتضَرين أن يموتوا خارج بورد، ليعودوا إليها على النعوش، وكأن على بورد أن تكون فقط مقبرة، لا محبرة ولا أن تكون مفخرة.

أ: -الأ  ر تــر نـــت ؟؟ !!!
ب: -الأنترنيييييييت.
وقد يكون الحديث عن الشبكة العنكبوتية في بورد، ضربا من ضروب المس، أو كلاما عن مثاليات لا يليق بالمرء الحديث عنها، ولا التفكير فيها. في صدر القرن الواحد والعشرين(21)، وعلى أعتاب عام 2014، الانترنيت لم تعرف بعدُ طريقها إلى الجماعة.

غَزَّةُ تَازَة.. تَغْرَقُ فَي الظَّلاَم!!
لا يمكن للناظر إلى بورد، مِن على جبل، ليلا، أن يصفها بأقل من الغريقة. غارقة في كل شيء، لكن ليلا، في الظلام. فالساكنة لا يكادون ينفكون من صولات المعاناة نهارا، حتى يبدؤوا جولات جديدة ليلا، ويبقى على ٍرأسها ضعف الإنارة العمومية. فكما يجدون صعوبة في أن يسموا بورد جماعة حضرية، وهي تغرق في الظلام وتلتحف السواد؛ يسوؤهم أن يطلقوا على بلدتهم قرية، أو "دوار".


فقلة أعمدة الإنارة في أزقة الجماعة، تجعل من بورد قطعة من ظلام دامس، أما في فصل الشتاء، وعند اشتداد هبوب الرياح، تتضاعف المعاناة مع الكهرباء، أثناء الانقطاعات المتكررة للتيار، وما يسببه ذلك من تلف في الأجهزة الإلكترونية. وهذه الانقطاعات، التي تجاوزت في إحدى أيام أكتوبر أكثر من 15 انقطاعا، في أقل من 12 ساعة، لا يمكننا إلا أن نقول: أننا أمام شموع تنطفئ لمجرد هَبَّة ريح. شموع، لا تيار !!

أمَّا بعدُ..
فإن بورد ورش كبير للإصلاح، أو قُلْ ورشا للبناء والتشييد والتنمية، فالجماعة تنتظر ضخ دماء جديدة، والإسراع في تنزيل البرامج التنموية. وأَمَلُ الساكنة أن تُبَيَّضَ الصّفَحاتُ المُسَوَّدَةُ في يوميات التهميش والنسيان.