الأحد، 26 يوليو 2015

كلمة "شَلَحَ" و أَشْلْحِيْ والربط الدوغمائي بين الكلمات في لغات مختلفة.. بقلم محمد أبو درار

 بقلم محمد أبو درار

تقديم نسبية الأمور: في الحافلة شخصان، ماسين و سيفاو، يجلسان في مقعدين متجاوران، و الحافلة تتحرك بسرعة، وعلى الرصيف تقف طفلة تدعى "تيهيا" تنظر الى الحافلة.
ينظر كل من ماسين و سيفاو الى احدهما الآخر و يرى انه ساكن و لا يتحرك رغم ان الحافلة تتحرك، وينظران الى تهيا على انها هي التي تتحرك بالنسبة لهما، في المقابل، تهيا ترى نفسها في سكون فهي واقفة على الرصيف و ماسين و سيفاو يتحركان بنفس سرعة الحافلة. إذن من منهم يتحرك ومن منهم في سكون؟! هنا نفهم بالضبط "نسبية الامور" (حتى ان لم نقل كلها) فليس من المقترض -دائما- ان ترى الامور كما يراها الاخرون.
في الآونة الأخيرة ظهرت فرضية جديدة بين الشباب و المثقفين الأمازيغ تقول انه لا يجب تسمية سكان جنوب المغرب السواسة في منطقة سوس و كل من يتحدث بلغة/لهجة "تشلحيت" ب "شلوح" او "اشلحيين"، لأن كلمة "شلح" تعني في المعجم العربي التجرد من الثياب و شخص "شلح" اي عاري و مجرد من ملابسه.
وهنا لابد من وضع طرحين اثنين، الأول أن كلمة شَلَحَ هي نفسها شْلْحْ و أَشْلْحِيْ في اللغة/اللهجة السوسية وأن أمازيغ الجنوب تم تسميتهم من قبل الأجانب العرب بهذه التسمية بعد وصول الإسلام ، و الطرح الثاني هو أنه لا علاقة للتسمية و الكلمة بالعرب و العربية و كون الأمازيغ هم من ابتكروها.
لنبدأ بالطرح الأول، فكلمة أشْلْحِيْ تكتب على وزن يوجد في الامازيغية فقط و لا يوجد هذا الوزن في أي لغة أخرى، نقول أَشْلْحِيْ تَشْلْحِيْتْ إِشْلْحِيْنْ تِشْلْحِيِينْ، و يطلق على عرق معين او سكان معينين، وليس شخص واحد كما يفيد المصطلح في العربية، نقول "شلح ملابسه" اي خلعها، هنا نتكلم عن فرد واحد، أما أشلحي و إشلحيين فتطلق على عدد كبير من الناس (بالملايين) و فيها عدة أوزان كما ذركنا و لايعني أبدا أن ترتيب الأحرف الأولى ش-ل-ح و كونها نفسها بالنسبة لكلا اللغتين يعني مصدره عربي !! 
فعلى الذي يقول ان كلمة (اشلحي) -المحتلفة في الوزن و عدد الحروف و الحركات !! - أن يثبت بالدليل الواضح ان مصدرها عربي و انها هي نفسها كلمة "شَلَحَ" العربية، فهو مطالب بدليل تاريخي و مرجع يؤكد ذلك. فهناك العديدة من اللغات بينها عشرات او مئات الكلمات المتشابهة في الحروف و ترتيبها لكن ليس بالضرورة ان يكون لها نفس المعنى.
هذا من جهة، فعلى الذي يؤمن بتلك الفرضية ان يثبتها بالدليل التاريخي و ليس بمنشورات "بوستات" الفيسبوك و الكلام السطحي، و من جهة أخرى، فحتى ان صح ان "أشلحي" كلمة اصلها عربي من فعل "شلح" و ليس الأمازيغ هم من سمو أنفسهم بذلك الإسم فإننا - وبحكم كوني أمازيغي ولدت و أعيش في بيئة أمازيغية- لم يسبق أن نظرنا لأنفسنا على اساس ذلك المعنى للكلمة، ولا نحتقر أنفسنا و معنى "عاري و مجرد من الثياب" غير وارد أبدا بالنسبة لنا و لم نسمع به منقبل، ونتعرف على بعضنا و نقع بالغرام بيننا باسم "إِشْلْحِيْنْ" و نسأل فتاة قد تكون زوجتنا المستقبلية : "إس تكيت تشلحييت؟ ?is tgit tachlhit " (هل انت امازيغية؟) في سبيل التودد و تجيب بكل فخر: " ياه ! تشلحيت أد كيح yah ! tachlhit ad gih " (نعم! أنا أمازيغية). لهذا أوردت تلك المقدمة عن نسبية الأمور، فإن كان الأجانب يعتبرون كلمة "أشلحي" هي "مجرد من الثياب" فإنه لا يعني نفس الشيء بالنسبة لنا، ولا يمكننا ان نتخلى أبدا عن ما نسمي به أنفسنا منذ ولادتنا و تعرفنا على العالم و افتخارنا بهويتنا، فنحن أمازيغ عموما، وفي الأمازيغ نحن "إِشْلْحِيْنْ" خاصة ! لكن هذا لا يفهمه بعض المتسرعين المتهافتين لمنشورات الفيسبوك ! 
الطرح الثاني هو الذي نتبناه نحن الأمازيغ، فنحن لاعلاقة لنا بالعرب و بمعجمهم وعندما ننادي أنفسنا فلا نفكر الا في ثقافة مشتركة أعطت الكثير للبلاد ولاتزال و هي الثقافة الأكثر انتشارا بلباسها المتنوع و بمطبخها الشهي و بلغتها الغنية و زغاريدها النادرة، ففي سوس فقط تقطع 100 كلم لتجد لباس متنوع و عادات متنوعة لكن بلغة واحدة، و ثقافتها تميز المغرب على الصعيد العالمي مما يجعلنا نفتخر بكوننا "إيشلحين" ! 
نتجنب في مقالاتنا و مؤلفاتنا و تظاهراتنا و مناسباتنا تسمية ايشلحين او الشلوح فقط لأننا نريد أن نتحد مع باقي الأمازيغ، فكون العرب يتحدون جميعا تحت نفس الإسم "شعب عربي"، "أمة عربية" .. فلماذا لا نتحد نحن أيضا و نقول بصوت واحد "شعب امازيغي" و " إنسان أمازيغي" كباقي الشعوب ! .. هذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني أستعمل كلمة "الأمازيغي" عوض "أشلحي" لأننا نحب التضحية من اجل ثقافة واسعة و اتحاد الأمازيغ لاسترداد حقوقهم المهظومة، وليس لأنني انظر الى نفسي على اني عاري !!
وفي الأخير أذكركم أن صاحب الفرضية مطالب بالدليل و البرهان الى غاية يوم القيامة! و حتى إن أتى بالدليل فنحن عشنا مرحلة طويلة نسمي انفسنا بإشلحيين و ترسخ الإسم في قلوبنا و شكل جزأ من هويتنا، و لن نغيره ونبدله بل سيكون على معجم "لسان العرب" و كل المعاجيم العربية -رغما عنها- أن تغير معنى كلمة "شلح" الى معنى يفيد الشجاعة و القوة و الصمود و الحب و الحنان و حسن الضيافة و الثقافة الغنية !! فالمعاجيم و المصطلحات تتغير معانيها مع الزمن !