عيد الأضحى .. طقوس طالها النسيان وآخرى ما تزال صامدة
تحرير : نجيم السبع
تتميز البادية المغربية بتنوع تقاليدها وعاداتها المصاحبة للإحتفال بعيد
الأضحى المبارك، إلا أن جزء منها إنقرض فيما الباقي يقاوم أمام التحولات
التي تعرفها البنيات الإجتماعية والثقافية ليس فقط بالمنطقة ولكن في مختلف
المناطق ولو بدرجات متفاوتة.
إن التقاليد والعادات والطقوس الملازمة لعيد الأضحى
غنية ومتنوعة، غير أن جزء لا يستهان به من هذا الموروث طاله النسيان خاصة في الوسط
الحضري، رغم بعض المحاولات للحفاظ عليه.
على غرار أي أسرة مغربية، تبدأ بوضع الترتيبات الخاصة بعيد الأضحى
مبكرا تفاديا لأي تقصير قد يعتري الإحتفال بهذه المناسبة الدينية العظيمة
التي ينتظرها الصغار كما الكبار بفارغ الصبر، وذلك بتوفير الخروف واقتناء
التوابل وتجهيز أدوات الطهي ونحر الأضحية.
إن اللحظة الأكثر إثارة في هذا المسلسل تتعلق بلحظة إدخال الخروف إلى
البيت حيث يلتف الأطفال حوله ويشرعون في مداعبته، بل منهم من يتكفل بتقديم
العلف له طيلة أيام ما قبل العيد، ومن جملة الطقوس التي تمارس
ليلة العيد وضع الحناء على ظهر الخروف وبين قرنيه.
ومن بين العادات التي كانت تمارس في البادية أن الإمام الذي يؤم المصلين
يوم العيد، يرفع راية بيضاء على سطح بيته إيذانا ببدء عملية نحر الأضحية
التي يتم الإصرار على أن يحضرها جميع أفراد الأسرة.
أول أيام العيد يخصص لطهي معدة وأحشاء الأضحية (ث تكريشت) وكبدها فضلا
عن رأسها وقوائمها، فيما يتم في اليوم الثاني تقطيع “سقيطة” الخروف مع
الاحتفاظ بأجزاء منها لتحضير “أرقديد” وهو نوع من اللحم المجفف الذي يتم
تقطيعه إلى شرائح تخلط بالملح وبعض التوابل، ويتم تعريضها لأشعة الشمس
لعدة أيام.
وبخصوص فروة الخروف فإنها من الأمور التي كانت الأسر خاصة في البوادي،
تحرص على أن تكون من بقايا وذكريات العيد، بحيث يحاول الشخص المكلف بعملية
سلخ الأضحية، وهو عادة رب الأسرة، عدم تمزيقها أو إحداث ثقوب بها حتى تظل
صالحة للاستعمال كفراش (ثاهيدارت) أولتزيين البيت، وهي العادة التي بدأت
تتلاشى لعدة أسباب منها الخوف من أمراض الحساسية وصعوبة عملية إعدادها.
وبالنظر إلى أهمية العادات والطقوس التي ميزت تاريخ المنطقة والتي آل
جزء كبير منها للإندثار، ندعوا المجتمع المدني ومختلف
الجهات المعنية إلى تسخير كافة الجهود للحفاظ على ما تبقى من هذه التقاليد
وإحياء ما انقرض منها باعتبارها جزء لا يتجزأ من تراث المنطقة الذي ينبغي
نقله إلى الأجيال اللاحقة واطلاعها عليه.