تحرير : نجيم السبع
في 7 أكتوبر 1958 أصدر محمد بن الحاج سلام أمزيان صحبة رفاقه ميثاقًا ثوريًا تضمن مطالب الثوار، كانت أهدافها، حسب بعض الروايات، التي وصفت التمرد ب"انتفاضة الريف الأولى "، وأنهم أعلنوا «الجمهورية المغربية الثانية» تذكيرا بجمهورية الريف الأولى، وتشكيل تنظيم مسلح يحمل اسم " جبهة النهضة الريفية".
في 7 أكتوبر 1958 أصدر محمد بن الحاج سلام أمزيان صحبة رفاقه ميثاقًا ثوريًا تضمن مطالب الثوار، كانت أهدافها، حسب بعض الروايات، التي وصفت التمرد ب"انتفاضة الريف الأولى "، وأنهم أعلنوا «الجمهورية المغربية الثانية» تذكيرا بجمهورية الريف الأولى، وتشكيل تنظيم مسلح يحمل اسم " جبهة النهضة الريفية".
بينا تقول روايات أخرى، من بينها "جمعية ذاكرة الريف"، أن المنتفضين لم يطالبوا بالانفصال أو بحكم ذاتي بل طالبوا بإقامة إدارة جهوية تسمح للريفيين بإدارة شؤونهم بأنفسهم.
اندلعت انتفاضة الريف يوم 07 أكتوبر 1958 وانتهت يوم 13 مارس 1959، حيث استمرت ما يقارب 157 يوما ، هناك بعض الكتابات تشير إلى الانتفاضة ابتدأت في بداية أكتوبر 58 مباشرة بعد إحياء الذكرى الثالثة لانطلاق عمليات جيش التحرير بالريف، حيث عرف إحياء هذه المناسبة أحداثا دموية واعتقالات رافقت عملية نقل قبر الشهيد عباس لمساعدي من فاس إلى أجدير اكزناية.
كما أن هناك كتابات أخرى تعتبر بداية شهر دجنبر 58 هو البداية الحقيقية للانتفاضة، وذلك بعد مرور ثلاثة أسابيع على تقديم الوفد المكون من " رشيد الخطابي ومحمد الحاج سلام أمزيان وعبد الصادق شراط"، للوثيقة الريفية التي تضمنت 18 مطلبا، إلى القصر يوم 11 نونبر 1958.
في البداية صعد الناس إلى الجبل ورفضوا العمل والتعامل مع السلطة والإدارة، حصلت بعض الاشتباكات المتفرقة هنا وهناك بين المنتفضين وقوات المخازنية والميليشيات الحزبية، لكن نهج الانتفاضة ظل سلميا، وكان قادة الانتفاضة يطالبون السكان بعدم اللجوء إلى العنف وعدم استعمال السلاح إلا عند الضرورات القصوى.
ورغم أن أهداف الانتفاضة كانت واضحة ومطالبها عادلة ومشروعة، وهذا ما أكدت عليه حتى اللجنة الملكية الموفدة إلى الريف تحت رئاسة عبد الرحمان أنكاي، التي طالبت الحكام بالتدخل السريع لإنقاذ المنطقة من الفقر والحيف (وبالفعل سيتدخل المسؤولون بسرعة لكن ليس لإنقاذ الريف بل لإغراقه في بحر من الدم)، فإن القصر والحكومة لم يستجيبا لهاته المطالب، بل عملا على تهديد المنتفضين وتخويفهم ، حيث طالب الملك محمد الخامس في خطاب له يوم 7 يناير 1959 من المنتفضين، بالنزول من الجبال ووضع السلاح فورا والعودة إلى العمل.
وبعد يومين سيصل إلى تطوان الحسن الثاني ولي العهد آنذاك رفقة الجنرال أوفقير وبمعيتهما أزيد من 20 ألف عسكري وعتاد حربي هائل، للتخطيط للهجوم على القبائل الريفية المنتفضة.
يوم 16 يناير 1959 ستقتحم القوات العسكرية مطار الحسيمة الذي كان في قبضة المنتفضين، وسيوجه هؤلاء طلقات نارية صوب ولي العهد، الذي ثارت ثائرته ويصدر أوامره بالقضاء على المنتفضين وتحطيمهم... وحتى حكومة عبد الله ابراهيم التي حاولت في البداية أن تبدي نوعا من التفاهم لمطالب ساكنة الريف، فإنها وافقت على التدخل العسكري لسحق الريف.
خلال شهر فبراير 1959، وأمام المقاومة التي أبداها المنتفضون، ستشرع الطائرات التي كان يقودها طيارون فرنسيون في قنبلة قرى ومداشر الريف (أيث بوعياش، إمزورن، أيث حذيفة، إبقوين، رابع ن توراث، إكار أزروكاع...) لمدة 10 أيام ليلا ونهارا ودون توقف.
مهما تكن التخمينات، فإن الثابت أن الريفيين، الذين يمتلكون رصيدا كبيرا في محاربة المستعمر، وجدوا أنفسهم في مواجهة الفقر والبطالة في مغرب الاستقلال، وهي عوامل كانت كافية ليثور سكان المنطقة لكن بمطالب اجتماعية وسياسية يقول بعض المؤرخين إنها جاءت مباشرة بعد اغتيال عباس المساعدي وحدو أقشيش، أحد أبرز وجوه جيش التحرير المغربي في خمسينيات القرن الماضي، خاصة وأن أصابع الاتهام كانت تشير إلى ما يسمى في بعض كتاب التاريخ بـ«ميليشيات حزب الاستقلال» فيما يقول البعض الآخر إن رماد الثورة بالريف كان خامدا ينتظر الفرصة للاشتعال من جديد أما الحسن الثاني فقد سماها في كتابه «ذاكرة ملك» التمرد الفكري الرامي إلى إحداث قلاقل سياسية.
على العموم، فإن انتفاضة أو ثورة الريف التي تزعمها محمد الحاج سلام أمزيان، أجهضت في بداياتها الأولى عبر دك المناطق الريفية بالطائرات وشتى الأسلحة، والحصيلة: مئات القتلى واغتصاب النساء واختطاف المئات من دون محاكمة، وتعذيب دشن مرحلة الحكم الأولى لمحمد الخامس بعد نيل المملكة الشريفةاستقلالها.