تحرير : نجيم السبع
ولد المقاوم الشهم مسعود أقجوج سنة 1916 بدوار بوخفيف بملحقة أكنول، وتوفي في 11 يناير 1977 بأكنول، درس
بالكتاب وحفظ القرآن الكريم، إلى جانب اللغة العربية كان يتقن الأمازيغية" ،
عاش حياة صعبة في ظل الأزمة التي كان يعيشها المغرب، وازدادت حياته صعوبة
بعد مقتل أبيه وهو لا يزال في ريعان شبابه، فتحمل المسؤولية ومارس التجارة
في سن مبكرة، مما حتم عليه التنقل بين شمال وجنوب المنطقة، مكتسبا بذلك
الخبرة والتجربة التي مكنته من ربط علاقات مع الناس وتسهيل عملية التواصل
والتعامل مع الآخر.
عقد عدة لقاءات مع الزعيم محمد بن عبد الكريم
الخطابي، وباقي الزعماء للدراسة والتخطيط للكيفية التي سيتم بها مواجهة
المحتل، بالإضافة إلى ذلك طريقة الحصول على الأسلحة، كل هذا كان يتطلب منه
غيابا عن أسرته لمدة قد تتراوح مابين عشرة أيام وخمسة عشر يوما كل شهر.
"وقبل
شهرين من اندلاع الثورة والمقاومة المسلحة المباركة بالريف، توصلت المنطقة
بفضل زعيمها وقائدها مسعود أقجوج بأسلحة سرية عبارة عن مسدسات" . ويشهد
بذلك السيد موحتات حسن بن بوحتات بصفته قائد الرحى بأن المرحوم مسعود أقجوج
كان من الأوائل الذين حصلوا على السلاح ضد الاستعمار الغاشم ، بهدف كسب
ثقة الأهالي، واختيار السكان بحسب جاهزيتهم للجهاد، واستعدادهم للتدريب.
ثم
سافر مسعود أقجوج إلى الشمال للالتقاء بزعمائها، واستغرقت هذه الزيارة
حوالي عشرة أيام، وبعد رجوعه إلى مركز قيادته بدوار المرج، اجتمع برفاقه
لإخبارهم بموضوع لقاءه بزعماء المنطقة الشمالية، إلى أن حان وقت تسلم جيش
التحرير الدفعة الأولى من الأسلحة والذخائر وذلك في شهر مارس من سنة 1955،
لكن الأخبار تسربت للقيادة الفرنسية وتم استدعاء مسعود أقجوج للتأكد من
الخبر لكنه نفى علمه بذلك، وتم بعدها إطلاق سراحه نظرا للعلاقة الجيدة التي
تربطه مع "الكومندار روك".
وقبل أيام
قليلة من انطلاق المقاومة، قام القائد مسعود أقجوج بنقل الأسلحة في حالة
تطبعها السرية التامة من الشمال إلى منطقة "آيت وراين" وسط إقليم تازة، وقد
قام بنقل هذا السلاح باستعمال شاحنته الخاصة، لكن لما وصل إلى مكان قرب
أكنول، تعمد تعطيل شاحنته طالبا من أحد أصدقائه - وكان يهوديا مستقرا
بأكنول - يدعى "مويس"، مده بشاحنته لإيصال المواد التجارية التي قدم بها من
الناظور.
لقد لجأ مسعود أقجوج إلى هذه
الحيلة لتجنب عملية التفتيش، وبعد وصوله لدوار المرج، استرجع شاحنته ونقل
شحنة السلاح في نفس اليوم إلى منطقة "ايت وراين"، عبر مسلك كاف الغار ثم
تايناست ، وكانت هذه الكمية تحتوي على خمس وعشرين بندقية من مختلف
العيارات، وبعد هذه العملية اجتمع مسعود أقجوج برفقائه في الجيش وذلك في
المركز والتحق بهم عدد من السكان، فتم توزيع السلاح وإعطاء الأوامر بهدم
قنطرة بوحدود، وتخريب جميع وسائل الاتصال.
وثم
إجراء اتفاقية سرية مع حراس مخازن الأسلحة بأكنول، اتفاقية تنص على عدم
إغلاق أبواب المخازن ليتم السيطرة على ذخيرتها، لكن تسرب الخبر للقوات
الفرنسية أدى إلى إفشال الهجوم وذلك نظرا لسوء تدبيره .
وفي
يوم 2 أكتوبر 1955 انطلقت المقاومة، وقام العدو بالهجوم على مركز القيادة
بالمرج "منزل القائد" فتم قصفه بالمدفعية والطائرة، وعلى إثر هذا الحدث
انتقل هو ورفقائه إلى تشربانت وقضى بها خمسة عشر يوما، ثم عاد إلى ملال
واستقر بها مدة شهر.
بعد أن هدأت الأوضاع،
عاد مسعود أقجوج لمركزه الأول بدوار المرج، وقد زار وفد من المنطقة بزعامة
مسعود أقجوج السلطان محمد الخامس لتجديد البيعة، وقام هذا الأخير بتعيين
مسعود أقجوج قائدا على جماعة أكنول وتيزي ويسلي وذلك بظهير ملكي شريف في 4
أكتوبر 1956، وقد زاول مهامه بقيادة أكنول ثم انتقل إلى قيادة تيزي ويسلي
لمدة سنة تقريبا، إلا أن بعض الأحداث التي عرفتها المنطقة أدت إلى مجموعة
من الاعتقالات في صفوف أهالي المنطقة والزعماء السابقين في جيش التحرير من
طرف الحكومة المتمثلة في حزب الاستقلال، حيث "تم اعتقال القائد الروحي
والميداني مسعود أقجوج من طرف أجهزة الحزب، ونقل إلى مدينة تازة من قبل
"الهادي اللمطي" أحد عملاء الاستعمار ، وبعد ذلك تم نقله إلى مدينة
القنيطرة، وبعد مضي أزيد من عشرين يوما توصل المغفور له محمد الخامس بخبر
الاعتقال، فتدخل فورا وتم إيصاله إلى مدينة مراكش تحت حراسة أمنية خوفا من
اغتياله، قضى ثمانية أشهر بجوار عائلته بمراكش.
بعد
هدوء الأوضاع عاد القائد مسعود إلى منطقته، حيث تكلف عامل إقليم تازة
آنذاك بإيصاله إلى منزله بدوار المرج بأمر من سلطان المملكة، وخلال أواخر
الخمسينات قام أقجوج باستقبال محمد الخامس بأكنول في زيارته التفقدية
للأوضاع.
وفي 14 أبريل 1961 تنعم محمد
الخامس بمنح مسعود ظهيرا ملكيا شريفا ثمرة لنضاله الطويل ولوطنيته الفائقة ،
وتابع جهاده في عهد الحسن الثاني، وتم تعينيه عضوا بالمجلس الوطني المؤقت
لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ بـ15
يونيو 1973 في أعقاب المؤتمر التأسيسي لرجال المقاومة وجيش التحرير الذي
ترأسه الملك الحسن الثاني في مارس 1973.
وقد نقل مسعود إلى مثواه الأخير بعد مرض ألم به يوم الثلاثاء 11 يناير 1977، ودفن بمقر الشهداء بدوار تغزرا تين.
الفيديو:
الفيديو: