السبت، 29 سبتمبر 2018

فيديو: عمليات جيش التحرير في الشمال ومنطقة اكزناية سنة 1955 (برنامج وثائقي خاص)

كثيرا ما يتم تداول تسمية جيش التحرير المغربي، لكن القليل من يعرف المدلول العام ومختلف الجوانب التاريخية المتعلقة بمسار هذه الحركة، وامتدادها الزمني والمجالي ومنجزاتها العسكرية ورموزها وأهدافها ومبادئها الثورية.


ظهرت حركة جيش التحرير المغربي مع بداية الخمسينيات من القرن الماضي زمن الكفاح الوطني ضد المستعمر لنيل الحرية والاستقلال. وقد تشكلت النواة الأولى لهذا التنظيم من مقاومين مغاربة ينتمون إلى مختلف المناطق، كما ارتبط جيش التحرير أساسا بمنطقة الشمال/ الرّيف التي تعتبر معقل حركة المقاومة المسلحة. وقد امتدت عمليا فترة كفاح حركة جيش التحرير ما بين (1953 -1956 ) بمنطقة اكزناية وأساسا مثلث الموت(أكنول- تيزي وسلي- بورد). كما تشكّلت لها قيادة عسكرية بمدينة الناظور وكانت تحت إشراف عباس المساعدي وعبد الله الصنهاجي، ثم "قيادة" أخرى بمدينة تطوان وكانت تحت إشراف إشراف د.الخطيب وآخرون من جناح الحزبيين، قبل أن تفكك مختلف فصائل وخلايا جيش التحرير بالريف وتدمج في صفوف القوات المسلحة الملكية، أو التعرض للتصفية الجسدية. فحين هناك من استمر ضمن جيش التحرير بالجنوب كاستكمال لمهام جيش التحرير بالشمال، انطلاقا من سنة 1958 قبل أن يتعرض هو الآخر لمؤامرة التصفية والتكالب في إطار ما يعرف بعملية "إيكوفيين"، ومن ذلك أيضا كانت الجذور الأولى لظهور نزاع الصّحراء.

أما القاعدة البشرية الأساسية التي ارتكز عليها هذا التنظيم المسلح، فتكونت أساسا من مقاومين ينتمون أساسا إلى منطقة الريف والأطلس المتوسط والكبير، كما أن جيش التحرير كان جيشا منظما وله أهداف محددة ورؤية إستراتيجية وضوابط عمل ومقررات، وليس مثلما ظلت تروج بعض الكتابات من انه مجرد جيش فوضوي وغير منظم. يقول الباحث محمد المرجان في موضوع حول المدلول الاجتماعي للمقاومة وجيش التحرير (53-56) :"لم يكن حدث تأسيس جيش التحرير حدثا يتيما ولا طارئا وإنما حلقة من حلقات المقاومة المغربية على مدى التاريخ، التي اعتبرها المقاومون أنفسهم إرثا يجدد بشكل دائم عهد في الأسلاف".

لقد كانت العناصر التي أسست النواة الأولى لفصائل جيش التحرير بمثابة المعبر الحقيقي في تلك المرحلة عن آمال وطموحات المغاربة في التحرر والانعتاق، لاسيما أمام التضحيات التي قدموها في سبيل هذا الوطن. والحديث هنا عن جيش التحرير والدور الريادي الذي قام به، لابد أن يقترن ذلك بالمجهود والدور البطولي الذي قام به محمد بن عبد الكريم الخطابي على مستوى دعمه ونضاله من أجل تأسيس جيش التحرير وتقديم المساعدة له وتكوين أشخاص للمساهمة في إعداد شروط ثورة التحرير.

ومن جانب أخر، فقد كانت البداية العملية لانطلاق العمليات العسكرية لجيش التحرير هي 2 أكتوبر 1955 كمحطة بارزة في مسار هذه الحركة، وهو ما يشير إليه ذ.زكي مبارك في تقديم كتاب جيش التحرير المغربي:"إن ميلاد جيش التحرير يوم 2 أكتوبر 1955 و إعلانه عن مبادئ وأهدافه بكل وضوح، حدث تاريخي هام، يحتل مكانة مرموقة في تاريخنا المعاصر، وتاريخ كفاح شعبنا وجهاده من أجل الحرية والاستقلال. 

كما أن انطلاقة جيش التحرير(2-10-1955) تسجل قطيعة بين أسلوبين من الكفاح، أسلوب المهادنة والدبلوماسية والمفاوضات وأنصاف الحلول، وأسلوب سجّل العمق الوطني والشعبي للكفاح المسلح بقيادة جيش التحرير الذي استقطب المجاهدين من كل جهات المغرب".

وإذا كان جيش التحرير قد جسد قطيعة مع أسلوب نضالات رجالات الوطنية المدينية، فقد جسد في مقابل ذالك قوة وطرفا وازنا يعبر عنه أحمد الكوهن قائلا:" فجيش التحرير المغربي(...) قد عرف تنظيما صلبا وفعالا وذلك من فترة التأسيس".

إن الحقيقة التي جعلت من حركة جيش التحرير الوطني واقعا جعل الاستعمار الفرنسي أساسا يحس بأن تواجده بالمغرب أصبح مهددا وأن مسالة بقائه هي مسالة وقت فقط، هو كونه استمر على نهج المقاومة المسلحة وكان نتاج موضوعي وطبيعي للشروط القائمة بالمغرب آنذاك. وأمام تصاعد وتيرة نضاله وكفاحه بالمغرب وثورة المليون شهيد بالجزائر وكفاح الشعب التونسي، قررت فرنسا منح استقلال شكلي لكل من المغرب وتونس على أساس أن تتفرغ للقضاء على حرب التحرير الجزائرية، وهو ما قوبل برفض من طرف جيش التحرير وأصر على استكمال معركة الكفاح، خاصة وان هذا التنظيم كان قد بدأ في وضع لبنات جيش التحرير المغاربي، وتشكلت لهذه الغاية لجنة تنسيق بين المغاربة (عبد الله الصنهاجي وعباس المسعدي) والجزائريين (محمد بوضياف والعربي بالمهدي) وذلك منذ تاريخ 19 يوليوز 1955 على أساس تحقيق المبادئ والأهداف الثلاثة.

وإذا كان جيش التحرير قد مثل نقيض خيار العمل السياسي كبدعة اهتدى إليها وطنيو ما بين الحربين، فانه استطاع أن يمثل الخيار الوطني والشعبي الصادق الذي جعل طبول الحرب التحررية التي دقت تعجل برحيل المستعمر.

الفيديو: