الأحد، 4 فبراير 2018

وادي انكور، قرية ثيغزا، وأماكن آخرى في اكزناية ألا تستحق إعترافاً؟.. بقلم: رشيد أوخطو

بقلم: رشيد أوخطو

أفهم جيدا أن مطالب الحراك الشعبي في الريف الدي انطلقت شرارته من الحسيمة و يعم حاليا أجزاء عديدة من منطقة الريف.


هي مطالب ذات طابع إقتصادي واجتماعي ، ولا أعتقد أن النشطاء الذين برهنوا طيلة أشهر عن إرادة لا تقهر و وعي وانضباط قل مثيلهما قد غابت عن أذهانهم مطالب أخرى لا تقل أهمية.

إن لم أقل أنها هي صلب المشكل وهي مطالب ذات طابع تنموي وثقافي وسياسي. لكن قراءتهم الجيدة لمختلف الظروف ، جعلتهم يسطرون برنامجا انيا عاديا يستجيب لمطاالب الساكنة الأكثر استعجالية ولا يتصف بصفة التعجير بالنسبة
للدولة.

أعتقد أن ما يقع حاليا في الريف دليل قاطع على الفشل الذريع لهيئة الإنصاف والمصالحة التي حاولت طي صفحة ماضي الريف المتوتر مع الدولة بأقل الإمكانات ،وباقتصاد في الجهد و قصر في النظر.

الحقيقة أن مصالحة الدولة مع الريف ما تزال ممكنة جدا مع وجود إرادة سياسية حقيقية للقطع مع الماضي الأليم والتأسيس لعلاقة جديدة قوامها احترام خصوصية هذه المنطقة وضمان حقها في التنمية وجبر الضرر الذي ظلت المنطقة تتجرع الامه لعقود عديدة .

الريف يبحث عن اعتراف الدولة بخصوصيته وبثقاقته المتميزة وبتاريخه النضالي المجيد …فهل يمكن أن يتحقق ذلك والمجال الجغرافي للريف مشتت الأوصال في التقسيمات الإدارية السابقة وتكرس أكثر في التقسيم الإداري الحالي وتحول إلى هوامش فقيرة لثلاث جهات هي جهة الشرق وجهة طنجة تطوان الحسيمة وجهة فاس مكناس ؟

ألا يستحق هذا الريف المجاهد المكافح ولو جهة واحدة خاصة به من أصل 12 جهة ، اعترافا به و بتضحياته وامتنانا له بما قدمه من خدمات وما يزال لهدا الوطن ؟

واد النكور نهر ينبع من أعالي أكزناية و يصب في البحر المتوسط . هو شريان الحياة بالنسبة للقبائل الريفية المطلة عليه .مصدر رزق ومجال تعاون و تعايش وتاخ …هنا انكسر بوحمارة وولى أدباره مهزوما مدحورا …وهنا أيضا ذاق الإسبان أكثر من مرة طعم الهزيمة المر .

أن يكون واد النكور الذي لا يفصله عن مدينة الحسيمة سوى بضعة كيلومترات حدا إداريا فاصلا بين جهتين وبين إقليمين فهذا ما لا يمكن أن يقبله عقل فكيف لهذا المجال الطبيعي والجغرافي والثقافي الواحد أن ينمو ويتطور وهو مجزأ ؟

أجد في قرية ثيغزة الريفية الواقعة شمال قبيلة أكزناية أفضل مثال يجسد مشاكل الريف المعقدة . القرية تابعة لجهة فاس مكناس و تقع على الحدود مع جهتين : طنجة تطوان الحسيمة وجهة الشرق ..قريبة من الحسيمة لكنها تابعة لتازة .

شاءت الصدف أن أشارك في إحصاء ساكنة هده القرية في عملية إحصاء السكان لسنة 2004 ، وحينئد أدركت حجم الكارثة التي حلت بالقرية . وجدتها شبه مهجورة من السكان ، باستثناء بعض الطاعنين في السن وبعض الشيان الدين يحسبون على رؤوس الأصابع .

منازل كثيرة وحقول مخضرة ومياه رقراقة مشهد اسر يحكي حكاية مختلفة تماما عن الأرقام الفظيعة التي أفرزتها عملية الإحصاء .
إلتمست من شيخ هرم أن يروي لي ما حدث لهذه القرية التعيسة فحكى لي الحكاية من البداية .

عرفت من الشيخ أن القرية كانت اهلة بالسكان وأن ما يقارب 250 أسرة كانت تعيش هنا وأنها كانت مكتفية ذاتيا في مجال الغذاء…
نزيف ديموغرافي ترك القرية الوديعة القابعة بين الجبال تئن في صمت
وإلى اليوم ما زالت تنتظر يد العون عساها تلملم جراحها .

المصالحة مع الريف تقتضي إعادة الإعتبار لرموزه التاريخية ..متحف الريف الذي أوصت هيئة الإنصاف والمصالحة بإنشائه في الحسيمة مشروع أجهض في مهده وبنايته اليوم يتخذها المشردون والمتسكعون مأوى لهم .

لا يعقل أن تظل إسبانيا ترسل لنا الإشارات بين الفينة والأخرى وهي تحتفي برموزها الإستعمارية بينما الدولة المغربية ترفض مجرد تخصيص عيد وطني لواحدة من تلك الملاحم الكبرى كأنوال و أدهار أوباران .

ولا يمكن أن نتحدث عن المصالحة وشخصية تاريخية من طينة عبد الكريم الخطابي يقف لها أحرار العالم احتراما وإجلالا ما تزال غريبة في وطنها ومحاصرة.