الأربعاء، 14 فبراير 2018

"المغرب العربي" عبارة عنصرية مخالفة للدستور.. بقلم : أحمد عصيد

بقلم : أحمد عصيد

ما زالت بعض النقاشات تجرّ وراءها ثقل الماضي وترسباته، والسبب في ذلك عدم الحسم في الاختيارات الديمقراطية الكبرى واستمرار التردد والارتباك في سلوك السلطة والفاعلين السياسيين.

 خاصة منهم الذين يعانون من جمود إيديولوجي يمنعهم من مواكبة التطورات المتلاحقة، القانونية منها والواقعية.

عبارة "المغرب العربي" التي ما زالت تلتصق بوكالة المغرب للأنباء، كانت محط احتجاج واستنكار من طرف الفاعلين المدنيين الأمازيغيين منذ عقود طويلة، ليس لأن لديهم مشكل مع العرب أو مع العربية لغة وثقافة، لأن الأمازيغ تفاعلوا عبر تاريخهم الطويل وبشكل إيجابي مع جميع اللغات والثقافات والأديان التي كانت في محيطهم، وإنما سبب اعتراضهم هو أربعة أمور منطقية وواقعية لا غبار عليها: 

الأول وجود مكونات أخرى غير العربية في بلدان شمال إفريقيا والمغارب، مما يجعل من غير الممكن اختزال هوية شعوب بكاملها في مكون واحد.

والسبب الثاني أن الأمر يتعلق بتسمية وكالة مغربية للأنباء وليس وكالة خارج الوطن، فـ"وكالة المغرب للأنباء" أو "الوكالة المغربية للأنباء" لا تحتاج إلى إضافة كما هو شأن جميع وكالات الأنباء في العالم التي إنما تسمى على بلدانها لا على غيرها.

والسبب الثالث هو أننا نتساءل عن السبب الذي جعل وكالة المغرب للأنباء وحدها دون سائر البلدان تحمل إسمين مختلفين بين العربية والفرنسية حيث أن MAP بالفرنسية تعني L’agence marocaine de presse وهي عبارة محايدة وموضوعية، مما يدلّ على أن التسميات بالعربية تدخل فيها اعتبارات إيدولوجية وعاطفية لا علاقة لها بالواقع.

أما السبب الرابع فهو الدستور الذي ألغى عبارة "المغرب العربي" وعوضها بعبارة "الاتحاد المغاربي" أو"المغرب الكبير"، وهو ما يقتضي ملاءمة جميع القوانين والمؤسسات مع نص الدستور المراجع سنة 2011.

لا يعني هذا أن الفاعلين الأمازيغيين لا علم لهم بالسياق التاريخي التي تم فيه تبني هذه العبارة، بل كانوا دائما واعين تماما بأن فترة الاستعمار اقتضت في سياق خاص جدا تبني بعض الشعارات التي كانت تعتبر شعارات تحرّرية مقاومة للاستعمار والاحتلال الأجنبي، حيث وجدت بعض النخب المدينية في تلك الشعارات ما يسمح بتنسيق جهودها مع نخب وطنية أخرى من بلدان الجوار في مواجهة الاستعمار، الذي قوامته القبائل الأمازيغية بالسلاح دون أية إيديولوجيا فكرية أو خلفية نظرية مكتوبة، لكن بانقضاء عهد الحماية انتهى مفعول الكثير من تلك الشعارات، ولم يعد لها مبرر ولا مردودية واضحة بعد الاستقلال، حيث تغيرت موازين القوى كما تغيرت الأهداف والمرامي كذلك، من مقاومة الاحتلال إلى بناء الوطن الواحد الذي يستظل به الجميع في إطار المواطنة الجامعة، التي تقوم على قيمة المساواة التامة بين جميع المواطنين وجميع المكونات الوطنية، والتي تجعل جميع أعضاء المجتمع يشعرون بالانتماء إلى وطن، وبأن لهم مكانة في الدولة.

إننا نتفهم أن "وكالة المغرب العربي للأنباء" حملت هذا الإسم سنة 1959 بتأثير من مناخ مرحلة الحماية التي انتهت آنذاك، لكننا لا يمكن أن نفهم استمرار تسميتها بغير التسمية الطبيعية لها بعد ستين سنة، كغيرها من وكالات الأنباء في البلدان المجاورة، وهؤلاء الذين ما زالوا يتشبثون بالتسمية القديمة إنما يعانون من نكوص ذهني و"سلفية سياسية" عليهم التخلص منها، واحترام دستور البلاد.