تحرير : نجيم السبع
الكاتب : سيباستيان بلفور
ترجمة : عبد المجيد عزوزي
المصدر : صفحة الطلبة الريفيين بكلية تازة
الترجمة العربية لكتاب سيباستيان بلفور المعنونة: «العناق المميت» ستظهر في المكتبات المغربية خلال هذا الأسبوع.
وسيقدَّم الكتاب ضمن أشغال الملتقى العاشر للذاكرة والتاريخ حول موضوع «الحرب الكيماوية ضد الريف» الذي تنظمه جمعية ذاكرة الريف، وذلك يومي 27 و28 من هذا الشهر.
يعود اختيار ترجمة هذا الكتاب بالتحديد إلى عدة أسباب، أُجملها في جدية العمل، واستنادِه على أكبر قدر من الوثائق المتاحة بالإضافة إلى كمٍّ هائل من المراجع والشهادات الشفوية للمغاربة والإسبان على حد سواء، وتناولِه الشجاع لموضوع الحرب الكيماوية الحساس، ومعالجتِه لجوانب قلّما تطرق إليها المؤرخون والكتاب السابقون، أذكر منها العلاقة بين حرب الريف والحرب الأهلية الإسبانية، وعقلية العسكريين والإيديولوجيات المتحكمة في مواقفهم، وحياة الجنود وظروف عيشهم في الجبهة الخلفية. وهذا علاوة على خبرة المؤلف وإلمامه الجيد بتاريخ إسبانيا المعاصر.
يتضمن كتاب «العناق المميت» عشرة فصول مقسمة على ثلاثة أبواب. ويعالج المؤلف في الباب الأول موضوع التدخل الاستعماري في المغرب، حيث أفرد له أربعة فصول تتصف بالسرد الكرونولوجي للأحداث بدءاً من غزو المغرب ومراحل «التهدئة»، وتعامل الإسبان مع الريسوني، وهزيمة أنوال، حيث طرح المؤلف تساؤلاً عمّا إذا كانت كارثةً مرتقبة، وأوضح أنها لم تكن كذلك، مؤكدا على إمكانية تفاديها لو توفرت الموارد الضرورية للجيش ولو تعامل العسكريون باحترافية مع الحرب وأدركوا طبيعة المقاومة الريفية والمجال الطبيعي الذي شهد هذه الحرب. وتتبّع المؤلف في الفصل الرابع مسار إعادة تشكيل الجيش الاستعماري على أسس جديدة بعد انهياره نتيجة الهزيمة في معارك أنوال.
غيّر بلفور في الباب الثاني المخصص للحرب الوحشية الاستعمارية طريقة تناوله للمادة المعالَجَة، حيث انتقل من السرد الكرونولوجي المُتَّبع في الباب السابق إلى الوصف الموضوعاتي. هكذا تطرّق في الفصل الخامس لموضوع التاريخ السري للحرب الكيماوية ضد الريفيين، ومواضيع الانقسامات داخل الجيش الإسباني، وصورة المغربي من منظور الإسبان، وثقافة الجنود الإسبان وظروف عيشهم والفساد المستشري في أوساط الضباط، في الفصول الثلاثة اللاحقة.
خصّص المؤلف الباب الثالث للمرحلة الممتدة بين 1931 و1939 التي شهدت قيام «الجمهورية» ونشوب الحرب الأهلية الإسبانية، حيث عالج في الفصل الثامن موضوع قمع ثورة العمال في أستورياس سنة 1934، وتآمر الجيش الاستعماري للسيطرة على السلطة، وأفرد الفصل العاشر والأخير للحرب الأهلية الإسبانية ودور جيش إفريقيا بزعامة فرانكو في تحقيق الانتصار وإنهاء عهد «الجمهورية»، هذا الجيش المشكَّل من اللفيف الأجنبي وقوات الريـﯖولاريس والمجندين المغاربة.
يتميز هذا المؤلَّف بالخصوص بالتناول الجريء لموضوع استعمال الأسلحة الكيماوية من طرف الإسبان ضد المقاومين الريفيين والساكنة المدنية. موضوعٌ خضع هنا لتحليلٍ منهجي دقيق اعتماداً على مادة أرشيفية شاملة ومتنوعة، ومصادر عديدة وشهادات شفوية.
ولعل ما زاد من قيمة الكتاب خضوعُه لتنقيحٍ من طرف المؤلف كان ثمرةً للتواصل بينه وبين المترجم، حيث عمل على كتابة مقدمة الطبعة العربية أرفقها بتعديلاتٍ وتصويباتٍ لتدارك الهفوات في النسخة الإنجليزية، بالإضافة إلى تحيين بعض المعطيات بعد الاستفادة من دراسات وإصدارات حديثة أُضيفت إلى لائحة المراجع.