الخميس، 24 ديسمبر 2015

طقوس أهالي الريف المغربي للإحتفال بعيد المولد النبوي الشريف


بعيداً عن إشكالية الحرام والحلال والمباح، يحتفل أهالي الريف المغربي بالمناسبة الدينية 
شأنهم في ذلك شأن باقي سكان شمال إفريقيا منذ وصول الدين الإسلامي إلى هذه المنطقة.



فاحتفلوا ببعضها على طريقتهم الخاصة انسجاما وارتباطهم الوثيق بالمعتقدات الروحية القديمة للشعب الأمازيغي، حيث ما زال الأهالي يقومون بمجموعة من التقاليد والعادات الضاربة في جذور التاريخ والتي ورثوها عن الأجداد، أما بعض المناسبات الأخرى فلم يختلفوا كثيرا في الاحتفال بها عن باقي البلدان التي ينتشر فيها الإسلام.


مناسبة عيد المولد النبوي الشريف الذي دأب أهل القبائل بتخليده من خلال مظاهر وتقاليد أصيلة ترسخت في التراث الحضاري اللامادي ، فالاحتفال بهذا العيد يعتبر مظهرا من مظاهر حب الرسول ومكانته في نفوس مسلمي هذه القبيلة، فالمناسبة هذه تكتسي طابعا دينيا واجتماعيا في آن واحد من خلال تبادل الزيارات بين الأسر لما لذلك من دور في ترسيخ الروابط والأواصر الاجتماعية بين الأهالي والتمسك بالتقاليد العريقة.


تقوم الأم بإعداد وتحضير طبق “إوزان” (الدشيشة كما يُصطلح عليها في بعض مناطق المغرب الكبير) الذي تشتهر به القبيلة خلال هذه المناسبة، وتُحضر هذه الوجبة إما بالحليب أو بزيت الزيتون حسب ذوق كل واحد. وغالبا ما يتم تحضير “إوزان” بطريقة تقليدية بالمنزل من خلال طحن الشعير في رحى حجرية خشنة للحصول على سميد هذا الأخير الذي تُهيأ به هذه الأكلة التي تُقدم كفطور الصباح للأسرة، كما يُقدم طبق آخر لأطفال الجيران وأهل المدشر الذي يأكلونه بشكل جماعي في الساحة الخارجية للمنزل.

في المساء، يتم ذبح ديك بلدي “يازيظ أمسرام” أو ما ملكت أيمانهم كل واحد قدر استطاعته، ليأتي دور النسوة لإعداد وجبة “سكسو” (الكسكس) بهذا الديك، التي عادة ما تحضر في المناسبات الدينية وتُأكل بشكل جماعي بين الأهل والجيران.

بعد غروب الشمس تجتمع النساء وخاصة الكبيرات منهن في السن أو ما يطلق عليهن بالقبيلة “ثيواسورا” أو “ثيفقيرين” ومعهن باقي نساء الجيران والأقارب في فناء “أزقاق” المنزل إذا حل هذا العيد في فصل الصيف وفي غرفة دافئة من غرف المنزل إذا كان الجو باردا، تتقدمهن امرأة ذات صوت شجي ومعرفة بأمور الدين الإسلامي، فيرددن وينشدن أذكارا في مدح الرسول وذكر خصاله وفضائله.

وما زالت الذاكرة الريفية – رغم تعرضها لغزو ثقافي أجنبي- تحتفظ ببعض من هذه الأشعار نذكر منها ما يلي:
a rmuruḏ a rmuru ḏ lmaxluq lmaḏku(r)
ayexraq ɣa yemma as jar n reεca ḏ sḥu(r)
ifaḥ as ujenna itran ggin as ṭya
tfaḥ as tzizwit tenn as aḏ as ggeɣ refḍu(r)
tfaḥ as ra ḏ tmurt tenn as xay iɣa yugu(r)
tfaḥ as jjennat tenn as ɣay id ɣa yezgu(r)
tfaḥ as tara waman ammen tedja teqqu(r)
faḥen tt as temsarmin, faḥen tt as ra trumiyyin
faḥen tt as remraykat faḥen tt as ra ḏ recju(r)
tsemmat yemma as s werɣem ḏ ufunas
tεaḍed sidi rebbi leεziz iḥḍar as
nhar a ixsit llah
nexsit ra neccin x nbi rasul llah

 من خلال ما سبق يتبين لنا مدى تشبث الريفيين بتقاليد وثقافة الأجداد وعدم انصهارهم في الثقافة الدخيلة (العربية) من خلال الأشعار التي نظموها (أذكار بالأمازيغية) وكذا أنواع الأكلات (الكسكس أكلة أمازيغية)، وكما نستشف مكانة المرأة الريفية في التراث اللامادي للمنطقة ويمكن لنا أن نقول أنها ركيزة هذا الأخير، فهي من عملت على صون الذاكرة الشعبية والحفاظ عليها قدر الإمكان من الاندثار، كما أنها ناقلة هذا التراث عبر الأجيال.