تعتبر عروانة أو علوانة منتوج محلي صرف، يشتهر بالخصوص في المناطق الجبلية بشكل عام، وهو زيت الزيتون ولكن بطعم أخر، ومذاق مختلف.
ويتطلب إنتاج هذا الزيت مجموعة من العمليات اليدوية من أجل تحضيره، وزيت عروانة يستخرج من زيتون يكون لم يصل بعد إلى درجة النضج، الأمر الذي يستدعي وضعه في الفرن من أجل تسريع نضجه، وتجفيفه من الماء الذي يكون مرا، وتصبح حبات الزيتون مجففة وخالية من كل شيء إلا من الزيت الذي لا يتبخر ولا يمتزج بأي سائل أو مادة أخرى كيف ما كانت، وبذلك يتم القيام بعملية طحنه وما دامت الكمية التي يتم طحنها تكون في الغالب قليلة فإن النساء يستعن بطريقة أخرى في ذلك حيث يعملن على دقه في مهراز خشبي أو حجري كبير الحجم يسمى “الدقاق”، وبتوالي الضربات يبدأ الزيتون المجفف يتعلك شيئا فشيئا إلى أن يصبح عجينا ممتلئ بالزيت التي تكون براقة وذات نسمة طيبة.
وبعد الانتهاء من عملية طحنه أو دقه بالمهراز، يتم الانتقال إلى عمالية أخرى وهي مرحلة، عجنه بالماء الساخن في “الكَسعة”، حتى يصبح الزيتزون المطحون لازجا رخوا وجاهزا من أجل الإنتقال به إلى العملية النهاية وهي عملية العصر واستخراج عروانة، حيث يتم الاعتماد في هذه العملية على أدوات متعلقة بعروانة فقط وتم صناعتها لهذه العملية خصيصا، ومن بين تلك الأدوات نجد “الشامية” الصغيرة وهي عبارة عن قرص لا يتجاوز قطرها 30 ستنمتر، يتم ملؤها بالزيتون المدقوق أو المطحون، وتوضع في “معيصرة”، وهي تصغير لكلمة معصرة، وهذه “المعيصرة” تكون صغيرة الحجم وهي بدورها صناعة يدوية، والتي تتشكل من عدة أجزاء وهي “الكَعدة” و”البسطة” و”المغزل”، وهذه المعصرة يتم صناعتها من الخشب وبالخصوص من شجر التوت الذي يكون خفيفا وسهلا للتقطيع والنقش عليه.
وبعد أن توضع تلك “الشامية” المملوءة بالزيتون المطحون في “المعيصرة” بين”الكَعدة” و”البسطة” وتبدأ عملية العصر، عن طريق تحريك من اليمين إلى الشمال في شكل لولبي وبطريقة جد ثابتة، تضغط “البسطة” على الشامية، التي تكون مصنوعة من نبتة “الحلفة”، حتى يخرج زيت علونة صافيا، في لونه الأخضر الداكن، ويتسرب في مسرات تكون منقوشة على “الكعدة”، ويتم تقطيرها في أنية إما من خزف مثل “الكسعة” أو بلاستبك مثل البانيون أو أليمنيون مثل الكسرونة ليتم تفريغه بعد ذلك في قرورات من حجم لتر واحد أو لترين.
إن عملية تحضير زيت عروانة لم يكن الهدف من ورائه، محاولة صنع نوع جديد من الزيوت والبحث عن مذاق جديد مختلف عن زيت الزيتون العادي، بل إن الدافع إلى ذلك كانت وراءه الحاجة والخصاص في الزيت.
إن أشجار الزيتون كانت معدودة على رؤوس الأصابع زد على ذلك أن الزيت كان هو المنتوج الأساسي الذي يقايضون به باقي الحاجيات الأخرى التي يتم شراؤها من السوق، وبالتالي فقلة الزيوت وبيع جزء منها من أجل تلبية حجيات البيت من سكر وشاي وأغطية وأفرشة وأواني، كان يخلق أزمة في مخزون الزيوت، ، ولم يكن هناك أي بديل عن الزيت من أجل طهي الأغذية المحلية وخاصة القطاني والبصارة التي تتطلب نسبة مهمة من الزيت من أجل أكلها.
وهكذا فالحاجة الدافع الأساسي الذي كان وراء استخراج هذه الزيت عن طريق تسريع نضج الزيتون بالفرن وخلق أدوات مناسبة لتحضير عروانة كما سبقت الإشارة، وصدق من قال: الحاجة أم الاختراع”.
وفي السنوات الأخيرة وبعد انتشار الزيتون بشكل كبير وأصبحت الزيوت جد متوفرة فإن الساكنة لم تتخل عن عروانة نظرا لماذقها وطعمها اللذيذ، الأمر الذي جعل منها موردا ماليا لبعض العائلات التي تعمل على تحضير هذه الزيت بكمية كبيرة وبيعها في الأسواق أو تحت الطلب.
الفيديو: