الثلاثاء، 4 يوليو 2017

قبيلة "اكزناية" و"اكزناية" مدينة طنجة.. أية علاقة؟ (لمحة تاريخية).. بقلم : نجيم السبع

نجيم السبع (بتصرف)
 
اكزناية (طنجة):
منطقة تقع شمال المغرب على بعد 10 كيلومترات من مدينة البوغاز وعلى بعد كيلومترات قليلة من البحر الأبيض المتوسط ، تنتمي المدينة ترابيا إلى قبيلة الفحص التي تتكون كذالك من مدينة طنجة و مجموعة من القرى المحيطة بها ، تضم 4.953 نسمة من السكان حسب توقعات سنة 2013 .


تعود تسمية اگزناية إلى القبيلة الريفية اگزناية أو ايزناين و التي يقع مجال نفوذها شمال إقليم تازة و التي هاجر بعض أبنائها ضمن جند السلطان إسماعيل بن علي الشريف العلوي سنة 1684 أثناء اكتساحه المنطقة .

حتى سنة 2009 كانت اكزناية قرية ضمن مجموعة القرى التابعة للجماعة القروية بوخالف و تقع شمال الجماعة و تحدها شمالا مدينة طنجة و جنوبا بوخالف و تقع المدينة على ارتفاع 117 متر عن سطح البحر .

تشكلت مدينة اكزناية خلال القرن الخامس عشر على شكل تجمع من قرى المهاجرين الأندلسيين القادمين من مدن جنوب الأندلس من مناطق مرينة و جبل طارق و قادس و الجزيرة الخضراء . و هذه القرى هي : قلاعة - دشر غلمان - مرينة - كريوز و الدير . و قد عرف هذا التجمع بقرى دشر غلمان نسبة للقرية الأكبر حجما .

سنة 1684 اكتسح السلطان إسماعيل بن علي الشريف العلوي فحص طنجة محضرا معه الآلاف من المستوطنين الجدد فقام حينئذ بإقطاع قرية قلاعة لقبيلة قلعية (اگلعيين) الريفية و باقي قرى دشر غلمان إلى قبيلة (اگزناية) التي قامت بالتوسع بين هذه القرى لتشملها جميعا جاعلة منها قرية كبرى .

خلال العهد الدولي (1923-1956) كانت مدينة اكزناية جزءا من منطقة طنجة الدولية . و قد كانت المنطقة مكانا مفضلا للمستوطنين الفرنسيين حيث انتقل إليها العديد من الأسر الفرنسية التي فضلت السكن خارج طنجة.

تعتبر مدينة اكزناية مدينة صناعية بامتياز ، حيث تعد إحدى أهم الأقطاب الصناعية بشمال المغرب . فمدينة اكزناية تضم منطقة صناعية على مساحة 130 هكتار تتوفر على 463 وحدة صناعية تتوزع على عدة مهام.

أواخر القرن التاسع عشر كان تعداد سكان المدينة لا يتعدى 400 نسمة حسب الإحصاء الذي قدمه كتاب طنجة و منطقتها . و قد قفز هذا العدد إلى 1.967 سنة 1994 ثم 3.183 نسمة سنة 2004 و قد وصل هذا العدد إلى 4.953 نسمة سنة 2013 .

و من الملاحظ أنه بالرغم من المكانة الاقتصادية للمدينة إلى أنها لم تصبح بعد مركزا مهما لاستقطاب المهاجرين . فمعظم العاملين داخل منطقتها الصناعية يقطنون مدينة طنجة المحاذية لها . و حتى اليوم يشكل المهاجرون من خارج منطقة الفحص : 10 بالمئة من السكان 75 بالمئة منهم من منطقة الريف الشرقي .

كل سكان المدينة هم من المسلمين السنة المالكية . مع تشبع كبير بالطرق الصوفية و خصوصا الطريقتين الوزانية و العجيبية . و يتواجد بالمدينة أربعة مساجد .

تتوفر الجماعة الحضرية لاكزناية على مدرستين ابتدائيتين و مدرستين إعداديتين في حين لا تزال المدينة لا تتوفر على مدرسة ثانوية .

قبيلة اكزناية:
قبيلة في الريف شمال المغرب تتكون من مراكز حضرية هي : تيزي وسلي ،أكنول، بورد.

للمنطقة تاريخ حافل بالقاومة ضد الاحتلال الفرنسي والإسباني، و تمتاز المنطقة بمناخ متنوع ومعتدل وتشكل المنطقة من سلاسل جبلية مهمة.

من أهم المنتجات الفلاحية: الزيتون ومشتقاته والخضار ولاسيما بعض الفواكه الجافة كاللوزو الحوامض.

تحدها شرقا قبيلة المطالسة وشمالا ايث توزين وغربا ايث عمارت وجنوبا حدود جبال الريف، وتنقسم الى فرق وهي
ايث عاصم ، ايث محمد ، ايث يونس، الشاوية ، ايمزدورار ،ملال، أولاد علي بن عيسى، الوطـا.

تقع قبيلة أجزناية في وسط قبائل الريف في الناحية الجنوبية وتحدها من جهة الغرب قبائل البرانس ومرنيسة حيث قرى باب مروج وأربعاءبني فتاح,وكاف الغار,وظهر السوق,ومن الشمال بني توزين,قبائل بني ورياغل,حيث عزيب ميضار وسوق ثلاثاء أزلاف وقاسيطا,وتالامغايت وسوق أربعاء توريرت,بني عمارت ومن الجنوب البرانس ايضا وقبائل بني وراين حيث سبت بوقلال وأمسون مع سكان غياتة المحيطين بمدينة تازة أما من الشرق فتحدها قبائل لمطالسة حيث قرى عين الزهرة ومزكيطام‘‘مزكيثام‘‘.



فرق قبيلة أجزناية :
_فرقة بني يونس السفلى: هذه الفرقة تضم كل القبائل التالية:اخندوق,بوعنقود,تاستيت,بني حازم,خبابة,سيدي علي بورقبة ,افزارن,إزورار._فرقة بني يونس الفوقية: أزرو,حضرية,تاغيلاست._فرقة أولاد علي بنعيسى: قرية سيدي أحمد بن أمُوسى,وونكورت,تنملال,الغرفات,تغرا,جبل سيدي عيسى,تيزي انرار._فرقة بني محمد: تظم كل من بني بو جطو,ايت تيار,اولاد زيان .تابعة لقبادة تيزي وسلي._فرقة بني عاصم,القسم الشرقي :إزشريثا اي الزكريتيين,إخوانًا,إهراسًا,إقروعا,إنحناحا,إياروحدو د,عين الحمراء,برارت._فرقة بني عاصم,القسم الغربي: وقراها:إهروشن,عين عشبون,تلمست وبورد.وكلتا الفرقتين تابعتين حاليا لقيادة اجدير,
_فرقة الشاوية: وتضم أولادعبدالله,ثغزرثين,إزمورن,إحموثا,بويسلي,إمزذورار ,وويزغث,سوان,إعثمانا.هذه الفرقة تابعة لقيادة أكنول. 
من التاريخ:
تعد طنجة من بين أقدم مدن المغرب أسسها الملك الأمازيغي سوفاكس ابن الأميرة طنجيس حوالي 1320 سنة قبل الميلاد و استوطنها التجار الفينقيون في القرن الخامس قبل الميلاد وسرعان ما تبوأت مركزا تجاريا على سواحل البحر الأبيض المتوسط. ضمتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد و أصبحت سنة 42 م عاصمة للمقاطعة الرومانية (موريطانيا الطنجية). وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية استولى الوندال على طنجة و ذلك سنة 429 م حيث استولى عليها الملك [غايسيريك] و قام بجعلها عاصمة لمملكة الوندال و مقرا لتنفيذ هجوماته على أراضي الإمبراطورية الرومانية شرقا بعد أن أقطنها نحو 80.000 من الوندال . بعد انهيار مملكة الوندال سنة 534 استولى البيزنطيون على المدينة التي فوض حكمها لمملكة القوط الغربيين بإسبانيا و ذلك باسم قيصر القسطنطينية حتى فتحها الأمويون عام 702.
 
استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزو الأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م لكن سرعان ما استطاع الثوار البربر بقيادة ميسرة المضغري الاستيلاء على المدينة و جعلها عاصمة لهم و لانتشار مذاهب الخوارج في المغرب و ذلك سنة 740 م و قد دامت هذه الامارة حتى سنة 791 م حيث عادت هيمنة الخلافة في الشرق لكن لمدة لم تزد على السنتين ثم بايع أهالي طنجة إدريس بن عبدالله العلوي بعد أن تحولوا للمذهب الشيعي الزيدي على يد الدعاة العراقيين ، سنة 904 استطاع الفاطميون اقتحام مدينة طنجة و قطع الدعوة الإدريسية بها ، لكن إخلاص الطنجيين للمذهب الزيدي و رفضهم للتعاليم الإسماعيلية التي فرضها الفاطميون عليهم جعلهم يعيدون البيعة للحسن الحجام الإدريسي سنة 905.

ظلت مدينة طنجة خاضعة لحكم الأدارسة من عاصمتهم قلعة حجر النصر ، لكنها خضعت لمرات عديدة للهجوم القادم من الشمال على يد الأمويين الذين نجحوا بإنهاء الدولة الإدريسية في حجر النصر و بالتالي صارت مدينة طنجة خاضعة مباشرة للسلطة الأموية ثم العامرية بالأندلس .

سنة 1017 عادت التوترات المذهبية للطفو مرة أخرى بين السنة و الزيدية و قد أدى ذلك إلى تفكير أهالي طنجة في الاستقلال و مبايعة أحد الدعاة الأدارسة و هو علي بن حمود الإدريسي و بالتالي استقلت طنجة عن الأندلس بل و استطاع بنو حمود السيطرة على الأندلس و رفع دعوة الخلافة فيها .

سنة 1062 قام أحد مماليك بني حمود و يدعى سواجات البرغواطي بالاستقلال عن السلطة الحمودية في الأندلس . كما قام بضم مدينة سبتة و جبال غمارة و تسمى بالمنصور بالله و قد استمرت إمارته و ابنه ضياء الدولة العز على المدينتين حتى سنة 1084 حيث قتلا و هما يدافعان على ملكهما على يد القادة المرابطين

بعد استيلاء المرابطين على طنجة سنة 1084 تم فرض المذهب السني المالكي على أهالي طنجة و تم قطع الدعوة الزيدية بها ، لكن سرعان ما سقطت دولة المرابطين على يد الموحدين و ذلك سنة 1145 حيث استولى هؤلاء على مدينة طنجة .

استمرت السلطة الموحدية في طنجة حتى سنة 1239 حيث أعلن سكان طنجة اتباعهم لأمراء سبتة العزفيين . و خلال هذه الفترة أصبحت طنجة ميناء عسكريا و تجاريا مهما . كما أنها خلال هذه الفترة أنجبت أحد أبنائها الأبرار الذين مجدوا ذكرها و هو الرحالة ابن بطوطة . كما وصل إشعاعها الحضاري إلى مناطق بعيدة عن العالم العربي كمناطق المحيط الهندي و في مقدمتها المالديف و سريلانكا

انتهت إمارة العزفيين سنة 1327 على يد الأمراء المرينيين الذين استولوا على طنجة و استعملوها كمركز للدفاع عن الأندلس و ميناء لعبور المتطوعين ، و خلال هذه الفترة شهدت طنجة إحدى أهم المواجهات الصليبية - الإسلامية في الغرب الإسلامي و هي معركة طنجة التي اندلعت بعد قرابة شهر من حصار البرتغاليين لطنجة بقيادة الدوق هنري : دوق فيسو . بينما تولى قيادة العساكر المغربية القائدين صالح بن صالح و أبي زكرياء يحيى الوطاسي . و قد انتهت هذه المعركة يوم 19 أكتوبر 1437 بهزيمة نكراء للبرتغاليين .

خلال الفترة المرينية - الوطاسية شهدت طنجة انتعاشا ديموغرافيا كبيرا . حيث استقبلت مئات الأسر الفارة من مناطق مختلفة من الأندلس و بالأخص من الجنوب الأندلسي كما أنها أصبحت إحدى أهم موانئ الاستقبال لهؤلاء الفارين بدينهم و الذين توغل بعضم إلى بوادي شمال المغرب أو إلى مدينتي فاس و سلا .

لكن البرتغاليون نجحوا في احتلال المدينة فعليا سنة 1471 . مما أدى إلى حدوث نزف ديموغرافي خطير . فقام الآلاف من سكانها بالهجرة إلى البوادي القريبة خوفا من المحتلين ، في حين فضل الآخرون البقاء و المقاومة ، و قد كانوا يعيشون مع حاميات برتغالية حولت المدينة إلى ثكنة عسكرية برتغالية شمال إفريقيا . و مع ذلك حافظ البرتغاليون على علاقة محايدة مع السكان المحليين الباقين بعد أن أدركوا أن مصدر الثورة غالبا ما سيكون دينيا و بالتالي احترموا مجبورين عقائد السكان المحليين على خلاف السياسة البرتغالية آنذاك في مستعمراتها . كما خلفت هذه الفترة آثارا عمرانية تتمثل في عدد من الأبراج و القلاع و الكنائس.

تبقى أهم مرحلة ثقافية وعمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل وسيدي محمد بن عبد الله. فبعد استرجاعها من يد الغزو الإنجليزي في عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري والدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي عرفت تدفقا عمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار والحصون والأبواب. وازدهرت الحياة الدينية والاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور والنافورات والحمامات والأسواق، كما بنيت الكنائس والقنصليات والمنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، ومدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التي كانت تتمتع بها.

خلال العهد العلوي جعلت طنجة عاصمة لإيالة جبالة ، كما جعلت مقرا للخلافة السلطانية التي يمثلها (خليفة السلطان) أي نائبه و الذي يتمتع بمركز سلطة جد قوي ، فبالإضافة إلى مهامه كمشرف على الشمال المغربي و خصوصا إيالتي : جبالة و الريف ، فقد كان مشرفا على العلاقات الخارجية اللدولة الشريفة و مسؤولا عن عقد الاتفاقيات التجارية و العسكرية ، و خلال هذه الفترة تعاقب العديد من الولاة على إيالة جبالة من رتبة باشا ، كما ظهرت عدة أسر طنجية شكلت وزنا سياسيا كبيرا في عموم المغرب و من أهمها أسرة الريفي أو التمسماني.

سنة 1844 و على خلفية تقديم المغرب العون للأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري ، قامت السلطات الفرنسية بقصف مدينة طنجة كخطوة انتقامية و ذلك اليوم السادس من غشت 1844 . و قد أجبرت المضايقات الفرنسية في كل من طنجة و الجديدة المغرب على توقيع معاهدة طنجة في أكتوبر من نفس السنة تعترف من خلالها السلطات المغربية بالجزائر كأراضي فرنسية.