اخبرت امي انني عازم على زيارة قبيلتي. وانني ساصطحب يوم الزيارة كثيرا من الاصدقاء. فهذه المرة عازم على خرق كل العادات ومستعد للكشف على جمال قبيلتي لاصدقائي.
اريد ان يعرف العالم كم هي جميلة قبيلتي. لقد اشتقت اليها كثيرا: اشتقت الى تلالها وعيونها. اشتقت الى عطرها الطبيعي الذي تميل رائحته الى رائحة الزعتر والصنوبر. اشتقت الى قبيلتي والى المتعة التي اجدها عندما اتيه بين مرتفعاتها: فتسلق وذهاب واياب وتذوق لفواكهها وعسلها، سلسلة من الاحداث التي لا ينهيها شئ.
اجابتني قبيلتي وقد زاد الخجل من جمالها واكدت انها سوف تبدا اليوم في ترتيب مراسيم الاستقبال. وسوف تكسر قيود كل الاعراف والتقاليد وستعلن يوم اللقاء عيدا للحب لان الحدث ليس بالحدث البسيط.
كان يوم الحدث ٣ غشت ٢٠١٩: قمت واصدقاء تجاوز عددهم المأتين بزيارة لوطني البسيط. لقبيلتي التي هجرتها وانا يافعا صغير السن لاسباب لا يعرف تفاصيلها الا الكبار. كان شعوري يوم اللقاء لا يوصف بالكلمات. لقد امتزجزت فيه دموع الفرح بدموع الحزن العميق. فالفرح كان له اسباب، وواحد من الاسباب كان جمال قبيلتي الذي افتخر به اما الحزن فكان حزنا على تشتت اهل القبيلة وهجرهم لقبيلة ترابها يحمل عظام اجدادهم.
انطلقنا من تيزي وسلي وسلكنا طريقا ملتويا على المرتفعات المحايدة لازرو اقشار. وبعدحين وصلنا الى مكان قريب من تطوين نجبر حيث تناولنا الفطور تحت اشجار الزيتون و على نغمات الدف واغاني للى بويا وزقزقة العصافير رقصنا رقصة الحب الذي يجمع اهل القبيلة بالقبيلة. وبعد ان اختلط ضلنا بضل اشجار الزيتون وبعد ان تعارفنا وتعانقنا، انطلقنا سالكين طريقا شديد الانحذار صوب امان احمان: كانت قبيلتي جميلة ترتدي ثيابا رائعة مزركشة باشجار الزيتون والصنوبر . عطر قبيلتي رائحة زعتر وأعشاب اخرى جعلت منها امراة ليست ككل النساء. امرأة استثنائية راقية يسقط في حبها كل من نظر اليها. خرير مياه قبيلتي ورياح واشجار قبيلتي يصدرون صوتا موسيقي يرتاح له الضمير.
توقف موكبنا ونزلنا من السيارات فمشيا على منحذر شديد الانحذار الى الوادي ومنابع امان احمان. كان الكل متحمسا يسابق الخطا وكانه في زيارة مقدسة الى غار حراء. اصبحنا اطفالا مشاغبين بريئين لا يهمها البرطوكول ولا اختيار كلمات التواصل. لعبنا في الوادي ولطخنا ثيابنا بوحله. رقصنا رقصة الطفل على نغمات خرير المياه وئيقاع الدف. ردد الكل اغاني للابويا حتى الذين لا يتقنون لهجة القبيلة. مر الوقت بسرعة كببرة وحان وقت الغذاء. اتجهنا الى مكان تغطيه اشجار الزيتون و يطل على طبيعة توحي بان الله وحده لا شريك له. في هذا المكان وتحت هذه الاشجار جلسنا عل كراسي حول عشرات من الموائد لتناول وجبة الغذاء. امتزج جمال الطبيعة ولذة الطعام برائحة الزعتر.
تحدثنا وتعرفنا على اشخاص يعرفون اصولي جيدا. نطق احدهم بعفوية " محمد محمد ان اسمك العائلي الحقيقي ليس الرحموني انما بوبكار" واكد من كان بجانبه كلامه، اجبته " ههه انك تعرفني بنفسي وبؤصولي..،. شكرا شكرا انت قريب جدا الى من انا" اهل القبيلة يعرفون اسمي وانا لا اعرف اسمهم، يرحبون بي في قبيلتي ويحدثونني عن خصوصيات قبيلتي ومع ذلك يقدرونني، انها والله لقمة الكرم والرقي. لقد ابتعدت كثيرا عن الطفل الذي يسكنني. وغلفت جوهري بغلاف لا يناسب جوهري. فاعذروني يا اهل القبيلة عن التهاون والتمرد الذي ابتليت به. مر الوقت كما العادة بسرعة وكأن الساعات التي نرتديها لا تصلح لقياس الوقت.
اخبرنا من طرف المنظمين بان نلتحق بسياراتنا وبان الهدف هو زيارة لسفينة القران. مؤسسة هدفها حفظ كتاب الله بالطريقة التي ورثناها عن اجدادنا. بنيت المؤسسة على بقايا من مسجد قديم عمره ثلاثة قرون. ويقوم بادارة شؤون المؤسسة فقهاء متمكنين ينتسبون لعائلة قلاح. في بناية مرصوصة على شكل سفينة كبيرة يحفظ حوالي 160 طفلا كلام الله على الواح خشبية صممت خصيصا لهذة المهمة المقدسة. 130 من الاطفال يسكنون بالبناية. والباقي من ابناء القبيلة.
بسم الله مجراها ومرساها واخير تحرك الموكب في اتجاه سفينة القران. سلكنا طريقا شديد الانحذار وضيق صعب الممر الى ان وصلنا وبعون الخالق الى ارحد نرغوفاض حيث المدرسة مدرستي والمسجد مسجدي والطريق طريقي والواد وادي وكل الناس اهلي وعائلتي. احسست بلانتماء الشديد الى هذا المكان واحسست ان هذا المكان البسيط هو موطني.
وبعد ان تفقدت حالة مدرستي والقيت نضرة على بقايا دكان لخليفة اتجهنا مشيا الى الضفة الاخرا من الواد حيث مبنى سفينة القران. رحب بنا في هذه المؤسسة الرائعة بالتمر والحليب وكل انواع الحلويات. جلسنا في ساحة السفينة نتذوق مختلف انواع الحلويات وننتضر بداية برنامج استثنائي قد اعد من طرف اهل السفينة خصيصا للاحتفال بنا. تتبعنا فقرات البرنامج بعناية كبيرة وكان لتجويد كلام الله من طرف ربان السفينة واطفال يافعين تأثيرا كبيرا على نفوسنا.
في صباح هذا اليوم تعارفنا وتعانقنا عند اللقاء واثناء الفطور والغذاء وهاهو يوم اللقاء قد انتهى لقد ذهب الكل الى غايته من دون ان نودع بعضنا وكاننا ندرك ان هناك مناسبة اخرا سوف نلتقي فيها فالى اللقاء يا اصدقائي.
ملاحظة:
في هذه الحياة الفانية هناك اشياء واحداث نصغر احيانا من قيمتها ونضن اننا نستطيع بان ننسلخ منها لاسباب ما.
نحن واهمون ان كنا نضن اننا قد نغير قيمة مكان ولادتنا ،فمكان انطلاقنا في هذه الحياة مهم ويبقى مهم الى ان نموت. واصلنا أيضا مهم لا يقبل التزوير ابدا.
كلمة شكر
في النهاية اشكر كل من ساهم في انجاح هذه الرحلة الرائعة وبالخصوص متطوعي فرع تيزيوسلي وسيدي اعلي بورقبة اللذي قاموا بعمل رائع. واشكر كذلك اعضاء مكتب اكزناية للتنمية اللذين اتاحوا لنا الفرصة لتنضيم هذه الرحلة. كما اشكر مسيري مؤسسة سفينة القران على استقبالهم الحار لنا.
الصور: من هنا
الفيديو1:
الفيديو2:
الفيديو3:
الفيديو4: