تحرير : نجيم السبع
تختلف
التقاليد والعادت في الريف الكبير من منطقة إلى أخرى بل أحيانا في كل
قبيلة أو حتى في كل دوار،إلا أن مراسيم العرس (أورارْ) تبقى ثابتة وهي
الأصل السائد،والمتغير هو الغناء والرقص وأدائه،وهذا ما يبين التنوع والغنى
الثقافي لدى المجتمع الريفي ،ويعد العرس المسرح الواسع الذي يجمع كل أنواع
الفنون.
يخضع
الزواج ( لَــمْلاشْ،تــامغْرا) التقليدي خضوعا عجيبا لعادات إجتماعية
ثابتة تتضمن قيما خاصة في منطقة اڭزناية إذ يتمسك بها تمسكا شديدا لدرجة
أنها تأصلت جذورها في وجدانهم وأصبحت ثروة ثقافية متميزة يستحيل الإستغناء
عنها.
ومن هذا المنطلق كان لنا هذا البحث حول العادات والتقاليد المتبعة في إحياء العرس في الريف المغربي عموماً :
ـ التعــــــارف
يتعرف
الفتى على فتاة أحلامه،وبعد تبادل نظرات الحب والإهتمام العاطفي يغرم
الشاب بالتي يتمناها شريكة لحياته وأمًا لأولاده ،ثم يتفقان على الزواج
بعدما أن تطلب الفتاة من الفتى إرسال والديه لخطبتها، لأن لقاءهما الودي
الذي يجمعهما خارج الإطار الشرعي سيفسد حبهما ، كما أنه عار وخطر على
مستقبل حياتهما الزوجية فيتعهد الفتى بخطبتها.
ـ الخطــــــــوبة
بعدما
أن يختار الفتى شريكة حياته،يقوم بمجهود كبير لإقناع نفسه للبوح لوالديه
بذالك،لأن الفتى عندما كان يرغب في الزواج ،فإنه لا يتجرأ على قول ذالك
علانية لأبويه وإنما يتوجه إلى شخص معين ليكلم في ذالك والده ، وأثناء
موافقة الوالدين يتفقا مع إبنهما بالقيام بخطبة الفتاة من والديها،تكون
الخطبة دائما بالسكر من نوع ” القالب” كما يشترط في العادة ،وعند موافقة
أهل الفتاة يعطى العهد بتزويج إبنتهم للفتى،بينما يعاهد الفتى أهل الفتاة
بالزواج.
ـ الإعـــــلان عن الزواج
هوعبارة عن مأدبة غذاء يستدعي فيها والد الفتاة شيوخ القبيلة،كبار السن وفقهاء وأصحاب المقام ،للإعلان عن زواج إبنته جهرا.
ـ لفثـــــــــــوح
وعند
شياع الخبرلدى شباب الدوار،كانوا يقصدون منزل العريس ليفرضوا عليه دفع
غرامة تسمى “لفثوح” وهي عبارة عن حفلة شاي وحلويات، تدفع لأ صدقاء الأمس
كفدية، إذ يعتبرذالك بمثابة “خيانة” لحلف العزوبة.
ـ تجديد العهـــــــــــــد
بعد
مرور بضعة أيام تقوم الفتاة بصنع” تِيمْـــباَسَّسْتْ ” ( نوع من
الخبزاللذيذ يصنع بالدرة) تحملها والدتها إلى أم الفتى لتذوقها جماعة ،وهي
بداية إعلان عن إشراك “الملح” ونوع من تجديد العهد.
ـ التحضيرات المسبقة للعرس
قبل
أيام موعد العرس،والذي يقام غالبا في فصل الصيف ،حيث تجتمع النساء يوميا
بمنزل العريس لتحضير الطعام ،ويتخلل هذه العملية أجواء إحتفالية بهيجة
بإلقاء أغان وأشعار والرقص بالمناسبة ،نفس الأجواء تسود دار العروس التي
تحاط بعناية تامة من قبل فتاة ترافقها طيلة أيام الزفاف وهي حريصة عن
زينتها(النكافة حاليا).
ـ الحنـــــــاء
يموج
بيت العروس بالمدعوين من الجيران والأقارب،وتتطوع النساء والفتيات بالقيام
بكل خدمة أسندت إليهن وكل ما تحتاجه العروسة (تا سْليتْ) من غسل وطهي أو
خبزأو إحضار الماء أو ترتيب مكان الحفل،وأخريات يتفرغن لتزين العروسة زينة
خاصة وعند الغروب يضاء منزل العروس ومكان الحفل ،ويغدو أهل العريس وأهل
العروس ويجلس الرجال في المكان المخصص لهم أما النساء فيدخلن المكان الذي
به العروس وصديقاتها ويبدأن الغناء المصحوب بالإيقاعات وخاصة الطبول
(لبنادر) ويختم الحفل لذالك اليوم بوضع الحناء للعروس.
ـ أَلدْفُـــــــوعْ: أَسْتْــــــشِي
تهيء
عائلة العريس أشكال من الأطعمة وإصتحاب خروفين أوأكثر إلى بيت العروس
كدفعة أولى، في موكب لا يخلو من مظاهر البهجة والفرح وعند إستقبالهم وتناول
الغذاء يتم تحديد وقت الحناء الأكبر في بيت العريس الذي يقام في اليوم
الذي يليه.
ـ يـــــوم العرس: أُورَارْ ثامغرا
تذبح
الذبائح عادة يكون عجل أو خرفان حسب إمكانيات العريس ونفس الشيء في بيت
العروس،يقوم الرجال بطهواللحم بالبصل والتوابل ،أما النساء فهن يخبزن
الخبز(أَغْرومْ) ويغسلن الأواني ويتأنقن بأبهى الحلى والحلل كأنهن عرائس
بعدما أن قضينا أياما شاقة في التحضيرات للعرس،في وقت الغذاء يتحلق الضيوف
على الموائد ويتناولون من أنواع الطعام ما طاب وحلــــى.
بعد
الأكل يأتي دور الشاي ويتم حضور الطبول ليبدأ الحفل والفرجة من جديد
ويشارك فيه الجميع ويتم إستعراض المواهب الغنائية والفرجوية من قبل الشباب.
بعدها
تهيء عائلة العريس وأقربائه للرحيل إلى منزل العروس لتزف إلى بيت زوجها
،أثناء الوصول تخرج العروس وهي تحجب كامل جسدها ويقودها أبوها خارج المنزل
حيث موكب العريس في الإنتظار،فيساعدها في إمتطاء الفرس ويعود الموكب إلى
دار العريس والطقس نفسه لا يخلو من الحماس الفرجوي.
ـ عادات دخول العروس بيت زوجها
عند
قدومها تجد في إستقبالها أم العريس،لابد أن تخطو خطوة بقدمها اليمني عند
الدخول، وتقدم صحن مليء بقطع السكر القالب وأشكال أخرى من الحلويات تلقي
بهم العروس خلفها للأطفال، وتتم سيرها بعد نحو بيت زوجها،فتجلس في مكان خاص
أعد سلفا لها،بعدها يتوجه إليها العريس حيث يقبل لها رأسها،ويتم كل ذالك
في جو من الغناء والإبتهاج المقرون بالطبول ويؤدي الشباب والرجال على
السواء رقصات تقليدية.
يترك
العريس المجال للنساء ويخرج إلى المكان المخصص للرجال،ويستعد الجميع
لإحياء طقوس ( الرايْـــزيقْ)،حيث يقوم الشباب المعروفين بصوتهم الشجي
والقوي إلى تكوين صفين: المجموعة الأولى في المقدمة يتوسطها العريس(مولاي)
ومرافقه منذ بداية العرس يسمى(لَوْزيرْ) وهم يلبسان نفس الثياب يتمثل في
جلباب أبيض وبلغة بيضاء ،والمجموعة الثانية من الخلف، يتناوبون على ترديد
الإشعاربأصوات عالية يتخللها طلقات البارود:
سبحان الرازق
سبحان الخـــــــالق
سبحان الباقي بعد الخلائــق
إرحمنا يا الله وأرحم والدينـا
إرحمنا يا الله وآرحم جدودي
جدودي يفنى تحت اللحــود
إرحمنا يا الله وآرحم شبابي
شبابي يفنى تحت التــراب
كلام الله حق نقـــــول
وما محمد إلا رســـــول
كلام الله حق علينــــــا
وما محمد إلا نبينــــــا
كلام الله حق مــــــحقق
وما محمد إلا مصـــــدق
وأخيرا تنتهي فترة تدليل العريس والعروسة،وبداية من اليوم السابع يحق
للعروسة زيارة أهلها،ويسمى (أرْزَفْ) وتبدأ جدية الحياة في القيام
بمسؤوليتهما في خدمة ألأسرة.
يعتبر الزواج التقليدي في هذه المنطقة عادة إجتماعية ،ومظهر من مظاهر القيم التي كانت تمثل عناصرالقوى المحركة للمجتمع ككل.
الفيديو :