السبت، 30 يناير 2016

مقالات| بائعات الدجاج .. رداً على مدير نشر يومية "أخبار اليوم" .. بقلم : لحسن الحافة

بقلم : لحسن الحافة

رداً على مدير نشر يومية "أخبار اليوم" توفيق بوعشرين على خلفية افتتاحيته التي عنونها بـ "ماذا بعد وصول إبن مربية الدجاج إلى قيادة البام..؟" في إشارة إلى الياس العماري الذي انتخب أمينا عاما لحزب الإصالة والمعاصرة. 

والدتي الريفية تنهض كل صباح، وقبل أن تحضر لنا نحن وجبة الإفطار، كانت تطعم دجاجاتها أولا، تتفقد الفراخ الصغار، كانت تعتني بها، حد أنها، تحمل فرخ دجاجة مريض ويحس بالبرد لجانب " الكانون"، تضعه بعيدا عن النار لا يصله منها سوى الدفئ. تخبز العجين وتغني للكتكوت، فينتعش قليلا، بسبب دفئ النار وبسبب غنائها أيضا، رغم أن صوتها لم يكن جميلا، لكنه كان حنونا.

كانت تضربنا، كلما دفعنا نزق الصغر لأن نلعب بفرخ دجاج. تلم البيض وتبيعه لتدفع للعطار دينه. كانت شريفة، إسوة بنساء الدوار، فعلمتنا أن لا نبيع كلمتنا لمن يدفع أكثر. ربتنا على أن لا ننحني لمن يدفع لنا ثمن إقامة في "سويت" فندق خمسة نجوم. أنشأتنا على القناعة.

يوم السوق الأسبوعي بالفيلاج، أزور " رحبة " الدجاج. ألمح نسوة الدواوير يفترشن الأرض، بفساتينهن الرثة، وينتعلن أحذية بلاستيك مقطوعة. يضعن أمامهن سلل البيض، ويربطن قوائم دجاجات لبعضها البعض كي لا تهرب، منتظرات مشتري يساومهن في البيض، وفي الدجاجات. 

حين تبعن ما كن يعرضنه، يحملن قففهن ويغصن في السوق لشراء ما يحتاجه البيت. لا تمنح ما تحصلت عليه من عملية البيع للزوج السكير، تعلم أنه سيبدده في الشراب، وعلى الحشيس والكيف. تشتري الخضر وتساوم، تتفقد رضيعها المشددود لظهرها، وتهش على ذباب يحوم حول مخاط أنفه. 

تعود عند الزوال، تطهو الغذاء وتجمع الفراش. تفعل هذا وهي تغني نشيد الراحة، أغنية الأم. ترانيم قناعة، منتظرة أن يعود إبنيها من المدرسة. فتحضنهما كما تحضن الدجاجة فراخها، الذين بالكاد فقسوا البيض وخرجوا. 

هؤلاء هن مربيات الدجاج. عفيفات، جميلات، شريفات، مكافحات، أمهات رائعات. لا يرضين بمد اليد، ولا يقبلن بالصدقة ولا بالشفقة. .. أحببن الدجاج كحبهن لأبنائهن. وكلما كبر الحب.. منحنهن الدجاج الكرامة والعزة.
كم أنتن رائعات يا مربيات الدجاج.