السبت، 22 يونيو 2019

اگزناية المنسية.. بقلم : عبد الحفيظ كورجيت


بقلم : عبد الحفيظ كورجيت

أزرو نطحا، أزرو أزكاغ، أزرو فايرشو، أزرو نظامزا، أزرو أقشار، صخور وصَمَت حياة "إخوانا"، بقبيلة اكزناية بالريف المغربي منذ أن حلّوا بتلك المنطقة.


أينما ولوا وجوههم فثمة صخور، منها ما ارتبط بالخرافة ومنها ما كان إشارة توقيت ف"أزرو نطحا" في الشرق و"أزرو أزكاغ، في الجهة المقابلة كانا كافيين لتحديد ساعات النهار ولم يكن أحد منهم يأبه ب"توقيت الرباط وسلا،  كان بإمكان الواحد منهم أن يحدّد أوقات الصّلاة وساعات النّهار حسب المسافة الفاصلة بين الصّخرتين والشمس في هذا الإتجاه أو ذاك كان أزرو نطحا الواقع شرقا يقذف كرته الذهبية في اتجاه أزرو أزكاغ، المرتفع في الجهة المقابلة، والذي كان لا يبطيء في استقبالها ومواراتها وراء ظهره. فالمنطقة جبلية بامتياز والرأسان متقاربان إلى حدود العناق وهذا يجعل النهار قصيرا.

صباحنا نحن القادمين إلى هذه البلاد من المدن غير صباح سكان المدشر.فحين يخيل إليك أنك استيقظت مع صياح الديكة توقن أنهم هم من أيقظوا هذه الطيور"المؤقّتة، عندما تعتقد أنك أفقت مبكرا وتدلف نحو الباب لتستنشق هواء الريف النّقي ترى أينما ولّيت وجهك شكلا أبيض أو ملوّنا يتحرك  أعني ب» تُولّي وجهك، أن تمعن النظر في اتجاه عمودي إمّا إلى الأعلى أو إلى الأسفل أمّا الإتجاه الأفقي فيكاد ينعدم على بعد بضعة أمتار منك.

أنت الغريب عن الدّيار ترى الأشكال دون أن تحدّد الهويات أما أهل البلد فيتعرفون على كل ما يتحرك فوق الأرض ويستطيعون معرفة اسم كل واحد بل وتحديد النشاط الذي يقوم به من خلال حركاته وسكناته يبدو أن على أيديهم تتلمذت زرقاء اليمامة.

هذه المنطقة التي كانت تنتمي لمثلث الموت(بورد، أكنول، تيزي وسلي) في الحقبة الاستعمارية والتي خاضت معركة 2 أكتوبر 1955 أصبحت الآن في الحقيقة تمثل الموت نفسه وكأن حكما بالإعدام صدر في حقها.لم يصل الكهرباء إلاّ في السنين الأخيرة حيث كان معظم الخولاليين قد غادروا إلى غير رجعة، فما فائدة وصول التوتر المنخفض أو العالي وقد نزح جل الأهالي ليس هناك طريق تؤدي إلى هذه الربوع الصخرية ولهذا السبب ربما لم تصل إليها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

الأسر الباقية بين جبال طورا بورا المغرب تعد على أصابع اليدين وهي تتحين الفرصة لمغادرة المنطقة في اتجاه تازة أو وجدة أو فاس أو مكناس أو الرباط حيث يتجمع جل المنحدرين من هذه القبيلة المنسية.

لم كل هذا الجحود بتضحيات الجدود؟ لو صُرف عُشر ما يبذر في موازين لعُبّدت الطريق من أجدير إلى» ذِسْشْرا نْذاغْراسين"، ولبقي الناس بأرضهم متشبثين لو استغنينا فقط عن شاكيرا لزفتنا من الكيلومترات عشرا فما بالك لو لعن المسئولون عزازين وتخلّوا عن موازين.