الجمعة، 17 مارس 2017

سعد الدين العثماني.. رئيس حكومة مؤمن بالقضية الأمازيغية ، يرفض انقراض لغتها ويدافع عنها بإستماتة

تحرير : سعيد الفرواح

عين الملك محمد السادس يوم الجمعة 17 مارس 2017 بالقصر الملكي في الدار البيضاء سعد الدين العثماني كرئيس للحكومة خلفا لعبد الإله بنكيران، ومن المرتقب أن يخلف تعيين العثماني ارتياحا في عدد من الأوساط نظرا لمواقفه وضمنها الحركة الأمازيغية.


 فالأمازيغية بالنسبة للعثماني قضية وهي كلغة مهددة بالإنقراض وعلى مؤسسات الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في حمايتها.

مواقف مشرفة كثيرة عبر عنها العثماني دفاعا عن الأمازيغية ويسجل له طلبه مرتين حين كان وزيرا للخارجية المغربية بين يناير 2012 وأكتوبر 2013، في اجتماعين لوزراء خارجية الدول المغاربية بتغيير تسمية المغرب “العربي” وتعويضها بالمغرب الكبير، نظرا لتواجد غالبية أمازيغية في شمال افريقيا، لكن وزراء خارجية الدول المغاربية وخاصة تونس وليبيا رفضوا ذلك.

لم تقتصر مواقف العثماني على ذلك بل لا تكاد تمر سنة دون أن يسجل له موقف أو يشارك في ندوة حول الأمازيغية، بل أحيانا يكتب ردا على زملائه في الحركة الإسلامية دفاعا عن الأمازيغية، وفي هذا الإطار كتب العثماني عن الأمازيغية ردا على المقرئ الذي تورط في تحقير أمازيغ سوس قائلا، “من حق الأمازيغ أن يطمحوا لتكون لغتهم في المستوى الذي تستحقه، وأن تكون لغة الحياة والمعرفة وتسمو إلى مصاف اللغات العالمية. وإن كان عدم وجود مقتضيات دستورية وقانونية في السابق جعلت المسؤولين في حل من الالتزام بأي برامج جادة في هذا المجال. وقد ظهر فعلا أنه على الرغم من الخطابات والتعهدات المقدمة، هناك من لم يهتم بإنجاح ورش تعليم الأمازيغية واعتبره عبئا لا واجبا وطنيا. أما اليوم فإن الدولة ملزمة بالتدخل لإعطاء الأمازيغية المكانة اللائقة بها في المدرسة والإعلام والإدارة وغيرها”.

وفي ندوة نظمتها جريدة العالم الأمازيغي بمدينة مراكش يوم السبت 22 مارس 2014، حول “القانون التنظيمي لتفعيل رسمية الأمازيغية” بقاعة فندق رياض موكادور، قال سعد الدين العثماني أن ” من واجب الدولة والمؤسسات الدفع بتنزيل القوانين التنظيمية لتفعيل الأمازيغية كلغة رسمية سيرا على نهج الدول المتقدمة في هذا المجال والتي لها نفس الوضع، كما أكد على أن الأمازيغية لا يجب التنازع حولها بين مختلف الأطياف لكونها رصيدا مشتركا بين جميع المغاربة”، كما شدد وزير الخارجية المغربي السابق على أن الأمازيغ لا يجب أن يسقطوا من اعتبارهم حين تداولهم لتفعيل رسمية الأمازيغية، قضية المجلس الوطني للغات والثقافة والقانون التنظيمي المتعلق به، وأكد العثماني على أن القانون التنظيمي للأمازيغية وقانون المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أمران مترابطان وعلى نفس الدرجة من الأهمية بالنسبة لتفعيل الأمازيغية كلغة رسمية.

ودعا العثماني كذلك إلى ضرورة الإبتعاد عن العشوائية والإرتجالية فيما يتعلق بتفعيل ترسيم الأمازيغية، مثل تلك التي طبعت قضية تدريس الأمازيغية التي اعتبرها العثماني غير موفقة.

وفي محاضرة ألقاها العثماني، بمدينة مراكش حول البعد المغاربي في الدبلوماسية المغربية خلال الفترة التي شغل فيها منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون بين يناير 2012 وأكتوبر 2013، قال “حان الوقت لتغيير اسم الاتحاد إلى الاتحاد المغاربي بدل اتحاد “المغرب العربي” بالنظر إلى الحضور القوي للبعد الأمازيغي في المنطقة المغاربية”، داعيا إلى ضرورة استحضار الأمازيغية في جميع المبادرات الرامية لبناء الاتحاد المغاربي.

في فبراير 2014 رد العثماني على تصريحات سابقة لإدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي، وذلك في كلمة له ألقاها في لقاء تواصلي لحزبه بمدينة إنزكان في سوس، قائلا أن لشكر “تحدث عن الشعوب العربية، نحن أولا أمازيغ ولسنا ضمنها، وهذا الذي يتكلم حتى هو أمازيغي وهو سوسي، ويجب عليه أن يتحدث بمنطق المغرب”.

في ماي سنة 2015 أكد سعد الدين العثماني، أن اللغة الأمازيغية مهددة بالانقراض بعد 40 عاماً فقط، حسب أطلس اللغات الذي تصدره «يونيسكو» إذا ما استمرت الشروط الحالية نفسها.

وأكد في حوار مع جريدة الحياة اللندنية، “من واجبنا أن نأخذ بالوسائل التي تضمن لهذه اللغة أن تبقى حية ويُتكلم بها، ومن لا يريد أن يتكلم بها هذا شأنه. وأنا شخصياً بوصفي أمازيغياً لا أقبل أن تقتل لغتي بذريعة الدين”.

أما بالنسبة للإسلام فمواقف العثماني مختلف عن القوميين الإسلاميين حيث يرفض خلط العروبة بالإسلام، وفي هذا الإطار يشدد العثماني، أن الإسلام “ليس حركة تعريب للشعوب، بدليل أن أكثر المسلمين اليوم لا يتكلمون العربية وليسوا عرباً، وبالتالي يمكن أن نكون مسلمين وندعوا إلى الإسلام بلغات متعددة، ولا حرج في ذلك، ولكن مع الأسف في بعض المجتمعات الإسلامية نتيجة لبعض التراكمات، أصبح هناك تطابق بين العروبة والإسلام، وهذا نتيجة لسياق اجتماعي وتاريخي فقط، وإلا فإن معنى هذا أن إسلام كثير من المجتمعات في إندونيسيا وتركيا وباكستان وغيرها ناقص، وهذا لم يقل به أحد من العلماء ولا العقلاء”.

بخصوص إفريقيا فقد حاول العثماني أثناء توليه لوزارة الخارجية المغربية نهج سياسات تروم تعزيز الروابط بين المغرب ودول الجوار الإفريقي كما رحب مؤخرا بعودة المغرب للإتحاد الإفريقي معتبرا في حوار له مع جريدة العالم الأمازيغي عدد شهر فبراير 2017، فيما يخص الروابط التي تقوي العلاقة بين المغرب ودول قارته، أنه “من الطبيعي أن يكون الجانبان الاقتصادي والسياسي مهمان في دينامية تعزيز الروابط المغربية مع الدول الافريقية. لكن أيضا من المعروف أن العوامل الثقافية واللغوية والدينية والاجتماعية وغيرها تشكل أساس نجاح أي عمل ديبلوماسي طويل المدى. ومما لا شك بالنظر للوجود المهم للأمازيغ والأمازيغية بمناطق واسعة من افريقيا وخصوصا شمال مالي وشمال النيجر، أن يساعد ذلك في ربط جسور التواصل والحوار الثقافي مع هذه الشعوب، ونحن نعرف أن للطوارق في بعض المناطق أدوار شعبية وسياسية مهمة. ومن هنا ستبرز الحاجة للدبلوماسية الثقافية للمغرب، والدور الذي ستقوم به المؤسسات المغربية التي لها ارتباط بهذا الموضوع”.

هذا غيض من فيض تصريحات ومواقف سعد الدين العثماني حول الأمازيغية لغة وقضية، وتعيينه كرئيس للحكومة المغربية لا شك سيكون مبعثا للتفاؤل كما يمثل أفضل الخيارات المتاحة لتولي المنصب، فهل سيظل العثماني رئيس الحكومة على مواقف العثماني بمنصب وزير الخارجية أو العثماني بدون منصب؟

الفيديو: