الخميس، 27 ديسمبر 2018

رجالات اگزناية عبر التاريخ (28)| المقاوم الحاج موح الهمس


تحرير : نجيم السبع (بتصرف)

المقاوم الحاج موح الهمس من مواليد قبيلة اكزناية ، حيث شارك في انتفاضة قوية ضد الإستعمار وكان من أبرز أعضاء جيش التحرير.


قبيلة گزنّاية كانت إبان فترة الاستعمار تتوفر لوحدها على ثلاثة مراكز مهمة تعتبر من أكبر القواعد العسكرية لفرنسا بالمغرب، وهذا دليل قاطع على أهمية هذه المنطقة وما كانت تشكله من أخطار على العدو، وهذه المراكز الثلاثة هي: تيزي وسلي، إيشاوين(أكنول) وبورد، وتتوسط هذه المواقع بلدة أجدير التي توجد بها اكبر مقبرة للشهداء.

لقد شكل حدث انطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال محطة تاريخية زاخرة بالكفاح الوطني والتضحية. وقد كانت هذه الانطلاقة امتدادا طبيعيا لحركة المقاومة المسلحة التي خاضها المغاربة حينما انتهكت سلطات الاحتلال الأجنبي حرمة المغرب واستفزت الشعور الوطني بنفي جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر.

كان القصد من هذه المؤامرة هو تفكيك العروة التي تربط بين العرش والشعب والحد من تنامي الحركة الوطنية وإخماد شعلتها، فعم السخط كل شرائح المجتمع المغربي واندلعت المظاهرات العارمة بجميع أنحاء البلاد للتعبير عن مدى تمسك المغاربة بملكهم ووحدتهم وذودهم عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.

شكل هذا الحدث إيذانــا بانطـلاق الشرارة الأولى لحركـة المقاومـة والفداء حيث سارع أبناء إيموزار مرموشة وتازة والحسيمة والناظور إلى تنظيم جيش التحرير لضرب مصالح ومنشآت المستعمر، وتطوع المقاومون المتشبعون بروح الوطنية الصادقة والحماس المتقد فداء لوطنهم وملكهم وخاضوا معركتهم المقدسة بشهامة وشجاعة ونكران للذات وأبلوا البلاء الحسن في مواجهة ضارية للمستعمر وزعزعة أركانه وإنهاء وجوده.

فمنذ أواخر سنة 1954، بادر المجاهدون للحصول على السلاح وتأسيس خلايا وتشكيلات وفرق لجيش التحرير، وتم فتح مراكز للتدريب على استعمال السلاح وحرب العصابات والتخطيط لتنظيم الهجومات على ثكنات المستعمر متخذين من المنطقة الخليفية بشمال الوطن التي كانت تحت الحماية الإسبانية، مجالا لهذه التداريب ولإعداد المخططات، والتحقت العناصر القيادية لحركة المقاومة آنذاك بالمنطقة الشمالية من الوطن للإشراف على تأطير جيش التحرير ليضطلع بمهام التحرير والخلاص من الاحتلال الأجنبي وعودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى إلى أرض الوطن.

وفي مطلع سنة 1955، توجهت الباخرة “دينا” إلى رصيف شاطئ رأس الماء شرق مدينة الناظور قادمة من المشرق العربي محملة بالأسلحة، وهي العملية التي شكلت منعطفا حاسما في دعم انطلاقة جيش التحرير بالشمال وأيضا دعم حركة التحرير الجزائرية التي كانت بلادنا قاعدتها الخلفية ودرعها الواقي تجسيدا لمظاهر التضامن المغاربي.

استمر الإعداد والتدريب والتخطيط وتمرير السلاح عبر ملوية إلى ايموزار مرموشة بإقليم بولمان والى مراكز جيش التحرير بإقليم تازة. واستمر التربص والترصد إلى أن حل اليوم الموعود، يوم فاتح أكتوبر 1955، حيث انطلقت عمليات جيش التحرير مستهدفة مراكز جيش الاحتلال الفرنسي وثكناته بايموزار مرموشة، وبعده في اليوم الموالي 2 أكتوبر، لتصل العمليات الهجومية إلى مراكز بورد واكنول وتيزي وسلي بإقليم تازة ومركز سيدي بوزينب بإقليم الحسيمة.

وقـد اتسعت رقعة المعارك في مناطق الشمال عموما وبإقليم تازة بوجه خاص، لتشمل العديد من الدواوير والمداشر التي اقترن اسمها بالاشتباكات والهجومات كما كان الأمر بالنسبة لبين الصفوف وجبل القرع وبوسكور وتيزي ودارن، وكلها معارك تكبد فيها المستعمر خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد على أيدي المجاهدين الذين توالت انتصاراتهم وانضمت إليهم أعداد كبيرة من الجنود المغاربة المنضوين آنذاك في الجيش الفرنسي، فارين بسلاحهم وبنادقهم ورشاشاتهم، معززين صفوف المجاهدين من أعضاء جيش التحرير، فشكلت هذه الثورة العارمة ضغطا سياسيا على السلطات الاستعمارية، جعلها تذعن لموقف جلالة المغفور له محمد الخامس تجاه الحكومة الفرنسية التي ما كان لها إلا أن ترضخ لعودته من منفاه بجزيرة مدغشقر وفتح المفاوضات من اجل استقلال البلاد وحريتها.

يقول الحاج ادريس الهمس (نجل المقاوم الحاج موح الهمس) بمناسبة تكريم والده من طرف المندوبية السامية لقدماء المحاربين وجيش التحرير: "انه ليوم استثنائي في إعطاء والدي حقه الفخري في مماته وافتخار لي بجدوري المناضلة والتاريخ الدي اعتز به وهو المدرسة الحقيقية للمواطنة والغيرة الصادقة على مملكتنا الشريفة التي شرفتني وأخواتي جميعا بأمر من صاحب الجلالة حفظه الله ونصره بتكريم الروح الطاهرة لوالدي بوسام وطني من درجة ظابط انه اعتراف و عطف مولوي يرسم عربون ارتباطنا بالعرش العلوي المجيد ودفعه معنوية من اجل مواصلة مسيرة النضال والدفاع عن مصالح بلادنا وعلى رأسها ملف وحدتنا الترابية".

ويقول السيد أحمد الهمس "الشكر والثناء والامتنان للسدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس حفظه الله على انعامه بهدا الوسام المبارك الدي اعتبره تاج فوق راسي وتكليف اتجاه التضحية والدفاع عن مصالح وطني من موقعي والى جانب أبناء الجالية المغربية في الدنمارك التي اعتز بمواقفهم من اجل رفع راية الوطن عالية ، لا حاضر بدون تاريخ ناخده شمعة تنير ظلام المستقبل الدي يفرز نور النصر لاستقرار بلادنا وعزة مملكتنا تحت القيادة الحكيمة لملكنا المنصور بالله ،ان تاريخ والدي في المقاومة كنت أراه في عيون المرحوم والدي درس لي في تجسيد عهده مع الوطن وعزته ولم تكن إصابته في رجله اثناء المقاومة سوى دماء طيبة خرجت من روح طاهرة لا يهمها لا مناصب ولا مواقع بل كرامة وشهامة وتضحية جعلتني اقطع العهد على نفسي ان المساس بمصالح بلادي خط احمر لا تقبل التراجع".