كما جرت العادة كان سكان منطقة “أجدير اجزناية” والريف بصفة عامة على موعد مع موسم ” لوزيعث” الذي ينظم كل سنة ويطلق عليه المقربون موسم ” ثيسقار” أي القسمة بالعربية.
حيث يتكلف أحد الأشخاص المعروفين بالمنطقة بشراء ثورين على الأقل يتناوب على إعدادهما وتقطيعما مجموعة من الشباب وبدورهم يعدون لائحة تضم أسماء الذين يرغبون من الاستفادة من ” ثيسقار” وفي النهاية يحدد القدر المالي لكل نصيب .
وهذه العادة تعتبر من أقدم العادات والتقاليد التي مازالت متوارثة إلى يومنا هذا في شمال إفريقيا ككل لكن مع تزايد الكثافة السكانية وبروز العولمة وانتشار التمدن وإقلاع الناس عن قيم ثيموزغا وإتباعهم للقوانين الدولية الوضعية بدل العرفية التي كانت سائدة في المجتمعات الأمازيغية ، إضافة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، كل هذا ساهم في اندثار هذه العادة وزوالها من عدة مناطق رغم أهدافها النبيلة التي تربي في نظامنا المجتمعي مجموعة من القيم الانسانسة والأخلاقية والدينية.
إن المتتبع المعاين عن كثب لأجواء ” موسم “روزيعث” سيدرك بلا عناء ولا إرهاق فكري أن الهدف من العادة المتوارثة ليس هو ” نصيب اللحم ” بقدر ما هي عادة يستحضر فيها الإنسان الامازيغي كل القيم الحميدة التي تؤطرنا كذوات وكأشخاص متعايشين فيما بيننا وهذه القيم جزء لا يتجزء من الموروث الثقافي الذي ورثناه سلفا عن أجدادنا تلك القيم المتجسدة في ” ثويزا ” وكذا التآزر والتعاون إضافة إلى التآخي وطي النزاعات بين الأفراد شيوخا وشبابا وهو موسم أيضا للحنين إلى الأصل حيث يعود في هذا الموسم كل الذين هاجروا سلفا من المنطقة وكل الذين تربطهم رابطة أسرية او صداقية فموسم ” روزيعث ” مجمع الأحباب والأصدقاء والمهتمين بالتراث حيث الكل يلتقي على مائدة الموروث الشعبي والكل يضرب موعدا لمواسم أخرى أحياءا للقيم ووفاء للأصالة وصدقا مع الذات وعزما على حفظ هذه العادة من الممات.
الفيديو: