الثلاثاء، 28 يونيو 2016

بالصور: تكريم قائدين من جيش التحرير في الذكرى 60 لإستشهاد عباس لمساعدي

تحرير : نجيم السبع (بتصرف)
أجمع عدد من المؤرخين وفعاليات إعلامية ومدنية إلى جانب معتقلي القضية الأمازيغية حميد أعضوش ومصطفى أوساي، على أن استمرار الدولة المغربية في تهميش رمزو المقاومة المسلحة وجيش التحرير، وكذا استمرارها في اعتقال وتصفية مناضلي الحركة الأمازيغية إنما يدل على سياسة الدولة القديمة الجديدة الرامية لإقبار الصوت الأمازيغي.


وأكدت أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة “العالم الأمازيغي”، أثناء تسييرها لأشغال مائدة مستديرة حول قائد جيش التحرير “عباس المساعدي” نظمتها جريدة “العالم الأمازيغي” مساء السبت 25 يونيو 2016، بقاعة هيئة المحامين بالرباط، على أن هذه المبادرة تأتي بمناسبة مرور 60 سنة على اغتيال عباس المساعدي، “في الوقت الذي كان من المفروض على الدولة المغربية بمختلف مؤسساتها السياسية والإعلامية أن تخلد ذكرى رحيل واحد من خيرة مقاوميها”، وشددت بن الشيخ لومها للمندوبية السامية للمقاومين وأعضاء جيش التحرير نظرا لكون الموضوع من اختصاصها.

وأضافت بن الشيخ خلال أشغال المائدة المستديرة التي نظمت بمشاركة عائلتي المقاومين عباس لمساعدي وعبد الله الصنهاجي وعدد من الفعاليات المدنية والسياسية، أن جل هذه المؤسسات التي كان من الأجدر بها الوقوف عند هذه الذكرى المهمة في تاريخ المغرب المعاصر، تحركها إديولوجيات معادية لرموز الوطنية الحقة، “لكن باعتبارنا استمرارا لجيش التحرير” تأكد ابن الشيخ “فإننا لابد من أن نقف عند هذه الذكرى عن طريق تكريم عائلتي المقاومين عباس المساعدي وعبد الله الصنهاجي. ومن أجل ربط الحاضر بالماضي والتأكيد على أننا استمرار للمقاومة وجيش التحرير تضيف ابن الشيخ “فإننا نكرم معتقلي القضية الأمازيغية حميد أعضوش ومصطفى أوساي”، وأكدت ابن الشيخ على أن اللقاء مناسبة أيضا لكريم روح شهيدي القضية الأمازيغية عمر خالق ومعتوب لوناس “الذي يصادف اليوم الذكرى 18 لاغتياله”.

وقام الإعلامي سعيد باجي بتقديم أرضية للنقاش جاء فيها: أن جيش التحرير ساهم بما فيه الكفاية في صنع الحدث التاريخي المغاربي، ومع ذلك يبقى من التنظيمات الأمازيغية العسكرية الحديثة التي طالها صمت رهيب، فيما يتعلق بمجموعة من حقائقه التاريخية، وأضاف أنه رغم الأضواء التي سلطت عليه فإن ذلك لم يكن كافيا لاستجلاء أمره بشكل مقنع، “إذ تعرض هذا الجيش إلى كثير من المغالطات والتطاولات التي أدت إلى طمس جملة من معالمه التاريخية وتزييف ملاحمه ووقائعه، وكاد هذا الجيش أن يتعرض لعملية مسخ حقيقية فيما يتعلق بإديولوجيته”.

وقال باجي أن جريدة العالم الأمازيغي قدمت لقرائها الكثير من الملفات المتعلقة بجيش التحرير وزعمائه وسلطت الضوء على حقيقة اغتيال زعيمه عباس لمساعدي من خلال ملفات وندوات نظمتها الجريدة، كتأكيد منها على أن الحركة الأمازيغية بمثابة امتداد تاريخي للمقاومة وجيش التحرير، وأكد باجي في أرضية النقاش على ارتباط جيش التحرير بقائدين بارزين هما “الزعيم المغتال عباس لمساعدي والزعيم الكبير عبد الله الصنهاجي”، ليتساءل باجي عمن يكون هذين الزعيمين الذين ترأسا جيش التحرير المغاربي، ووصل صيتهما فكريا وتنظيميا إلى مختلف بلدان تامزغا، واضعا بذلك المسار الذي وقدم زكي مبارك مجموعة من الأدلة والوثائق التي تدل على تلك العلاقة الوطيدة التي كانت تجمع قائدين جيش التحرير لمساعدي والصنهاجي، من بينها رسالة بعثها لمساعدي إلى عبد الله الصنهاجي بخصوص أحوال المقاومين بتيزي وسلي.يفترض أن يتجه فيه النقاش.

من جهته أكد المؤرخ المغربي الدكتور زكي مبارك على أن عبد الله الصنهاجي التحق أولا بالناظور، ثم بعد ذلك التحق به عباس لمساعدي، للإشراف على تأسيس جيش التحرير بالريف، فكونا عنصرين أساسيين لتأسيس هذا الجيش، “وتطورت بعد ذلك العلاقة بينهما وتوطدت لدرجة أنهما كانا يسكنان في بيت واحد”.

ويحكي رفيق درب عباس لمساعدي اسماعيل الساسي كيف اتصل بعباس لمساعدي أول مرة، بعد استقراره بالريف قادما إليها من عريم الزرقطوني بالدار البيضاء، ويقول الساسي “لما جاءوا إلى الناظور وجدوا الإيواء والأنصار، من تجار بني بويحيي وقلعية الذين قاموا بكل ما يحتاجون إليه من أجل تأسيس جيش التحرير.

وعن أول لقاء له بلمساعدي يضيف الساسي “عندما جاء عباس لمساعدي إلى عين زورة من أجل التوحيد بين قبيلة لمطالسة وباقي قبائل الريف، قاموا باستدعائي رفقة محمد التجاني والسي عياذ إلى سوق الخميس حيث أدينا قسم الثورة، وذهبنا بعد ذلك إلى دار بوزلماط بولاد حقون حيث التقينا بسي عباس وأمرنا بإحضار خرائط لمراكز المعسكرات الفرنسية، قبل أن نلتحق بالناضور للتدرب على حمل السلاح وحرب العصابات”.

وعن الثقة الكبيرة التي كانت تربطه بلمساعدي يقول الساسي “اتصل بي لمساعدي وقال لي أن له في ثقة كبيرة وأمرني بإحضار عائلته من فاس، وكتب لي رسالة حملتها إلى زوجته غيتة، وبعد قراءتها للرسالة رافقتني بمعية أختها زبيدة ووالدتها التي كانت كبيرة في السن”.

ومن جانبه أكد الباحث والمؤرخ محمد لخواجة على أن تأسيس جيش التحرير بالريف جاء بعد عدة محاولات باءت بالفشل، وجاء كذلك بعد سقوط الزرقطوني واشتداد الخناق على المقاومة في الدار البيضاء، فكان عباس لمساعدي إلى جانب مقاومين آخرين قد قرروا تأسيس جيش التحرير في الأطلس المتوسط الجنوبي والكبير، قبل تأسيسه في الريف بثمانية أشهر.

ويضيف الخواجة، “عباس لم يأت إلى الريف لزرع الثورة، بل كانت هناك خلايا ثورية بالريف منذ سنة 1951، “وكان قد مهد بهذا المقاوم عبد القادر اشتاطو”، وعند تأسيس جيش التحرير بالريف، يضيف الخواجة “كان عبد الله الصنهاجي مكلفا بالأمور الداخلية والإدارة، بينما تكلف لمساعدي بالأمور الخارجية والعلاقة مع مساندي جيش التحرير”.

أما الباحث محمد اشطاطو فيعتبر الشهيد عباس لمساعدي لغزا ورمزا في الوقت نفسه، وقال أنه رمز بحجم عبد الكريم الخطابي وكل القادة التحرريين في ذلك الوقت وحسب الأرشيف الفرنسي فقد كان لمساعدي خطرا بمستوى خطر الخطابي، لكنه يظل لغزا لأن التاريخ يتفادى التحدث عنه، مضيفا “كتب التاريخ كلها لا تتحدث عن عباس لمساعدي تماما”.

وأكد اشطاطو على أن معاهدة إكس ليبان التي على أساسها أخذ المغرب استقلاله عن فرنسا كانت عبارة عن مسرحية، إذ أنه تم الاتفاق مع محمد الخامس على أهم نقاط المعاهدة قبل موعد مفاوضات إكس ليبان، لذا فقد كان موقف عباس لمساعدي واضحا من هذه المعاهدة وبالتالي سعت السلطات الفرنسية لتصفيته باستعمال حزب الاستقلال خاصة المهدي بنبركة بعد أن وعدته بوعود كاذبة، وحسب اشطاطوا فيحكي أرشيف الجامعة الأمريكية إكسون بروفونس أن لمساعدي كان يشكلا تهديدا حقيقيا للتواجد الفرنسي بالمغرب والجزائر معا.

ومن جانبه أكد خليل لمساعدي نجل عباس لمساعدي على أن حجم المهمة التي ألقيت على عاتق والده كانت تستدعي منه كل تلك المدة التي قضاها خارج المغرب (حوالي 3 أشهر)، وقال أنها مدة معقولة نظرا للنتائج التي حققها وكمية الأسلحة التي زود بها جيش التحرير (حوالي 3 باخرات من السلاح)، قال ذلك في رده على مداخلة لمحمد الخواجة استغرب فيها طول المدة التي قضاها لمساعدي خارج المغرب.

أما محمد مناضل الصنهاجي، ابن أخ عبد الله الصنهاجي، فقد اعتبر هو الآخر غياب لمساعدي لتلك المدة معقولا، وقال “ما العيب إذا غاب السي عباس لأن الحركة كانت تتميز بالسرية، وقال أن عائلة الصنهاجي لا تزال تتوفر على وثائق “مستعدين لإخراجها لحيز الوجود.

فيما استنكر الصنهاجي على الدكتور زكي مبارك بعض تصريحاته لجريدة المساء بخصوص عبد الله الصنهاجي، وطالب محمد مناضل الدكتور مبارك بنشر بيان حقيقة وتكذيب ما ورد في ركن “كرسي الاعتراف” قبل تسعة أشهر بجريدة المساء.

أما في الجانب المتعلق بمعتقلي الحركة الثقافية الأمازيغية: حميد أعضوش ومصطفى أوساي، فقد أكد دفاع المعقلين الأستاذ منير بلخضر على أن المعتقلين الأمازيغيين حميد أعضوش ومصطفى أوساي اعتقلا من أجل قضية رأي ليس إلا، وقال بأن الأدلة كلها كان تدل على براءة المعتقلين الأمازيغيين من التهم التي وجهت لهما.

وأضاف بلخضر أن مواقف بعض المناضلين الأمازيغيين بخصوص المعتقلين كانت دون المسوى، وقال بلخضر أن هذه المواقف “صدرت من أناس يريدون احتكار الملف الأمازيغي، وهذا غير أخلاقي”.

فيما أكد المعتقل الأمازيغي مصطفى أوساي أنه على كل المغاربة أن يعرفوا ببراءة معتقلي القضية الأمازيغية، وأن يقفوا جميعا ضد الظلم الذي يطال اثنين من إخوانهم الأبرياء، وقال أوساي “نحن تعرضنا لاخطاف وليس اعتقال”، حيث أنه لم يتم إخبار عائلته إلى أن أخبرهم هو بنفسه بعد ثلاثة أيام من التعذيب داخل المعتقل.

ومن جانبه أكد حميد أعضوش على أن كل الأسئلة التي وجهت إليهم أثناء التحقيق، لم تكن ذات طبيعة جنائية، “بل كانت لها” يضيف أعضوش أبعد وخلفيات سياسية، من قبيل الموقف من الملكية، ومصادر مويل الحركة الثقافية الأمازيغية، وأسئلة حول كيفية التنسيق الوطني بين المواقع الجامعية”.

وأضاف أعضوش أن الدولة هي من يجب أن تحاكم، نظرا لغياب العدالة بها بدليل الاعتقالات والاغتيالات التي أصبحت تطال مناضلي الحركة الأمازيغية دون أن تحرك العدالة ساكنا، كما حمل أعضوش الدولة مسؤولية التهديدات التي طالته مؤخرا المتمثلة في تهديده بالقتل من طرف محسوبين على فصيل طلابي بفاس.

وفي ختام اللقاء تم تكريم عائلتي قائدي جيش التحرير عبد الله الصنهاجي وعباس لمساعدي بمعية معتقلي الحركة الأمازيغية حميد أعضوش ومصطفى أوساي، كتعبير عن استمرار الحركة الأمازيغية للمقاومة المسلحة وجيش التحرير.

وقد قام رشيد الراخا بتسليم درع التكريم لكل من خليل لمساعدي نجل عباس لمساعدي، ومعتقل القضية الأمازيغية حميد أعضوش، فيما سلم ميمون الشرقي درع التكريم لعبد الله مناضل الصنهاجي نجل المقاوم عبد الله الصنهاجي، واستلم المعتقل الأمازيغي مصطفى أوساي درع تكريمه من الإعلامي أحمد الحمداوي، أما الدكتور زكي مبارك فقد قدم هدية لعائلة الصنهاجي عبارة عن جواز سفر يعود لعبد الله الصنهاجي استلمه محمد مناضل الصنهاجي.

تفاصيل أوفر حول تأسيس جيش التحرير وعلاقة عباس لمساعدي بعبد الكريم الخطابي من جهة، وكذا عن علاقة لمساعدي بعبد الله الصنهاجي، كل ذلك تجدونه في العدد المقبل من جريدة العالم الأمازيغي.
الصور: