بقلم : ميمون مصالي
الاحتفال بذكرى الثورة: ما الهدف من تخليد ذكرى هذه الثورة كل سنة؟ وهل توحي ذكرى هذه الملحمة التاريخية بدرس وعبرة لدى الخاصة والعامة بالمغرب؟ إذا كان الأمر كذلك، فما المغزى الذي ينبغي ان يستخلص من الذكرى؟ وما جزاء المقاومين وأبنائهم على دورهم البطولي بالأمس؟ وهل فكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوما في تحسين ظروف المجاهدين وأبنائهم وتنمية مناطقهم والدفاع عن حقوقهم وتسوية أوضاعهم؟ وأخيرا، هل فكر المسؤولون في فك العزلة ورفع التهميش عن العالم القروي معقل المقاومة المسلحة، وعن التخلي عن فكرة بلاد السيبة، و"المغرب النافع وغير النافع"؟.
أسئلة كثيرة من هذا القبيل تتبادر إلى ذهن كل من تأخذه الغيرة على وطنه، والذي تسري في عروقه دماء الأنفة والبطولة. والإنسان الأمازيغي طبعه كذلك لأنه فطر على الحرية والدفاع عنها مهما كلف الأمر من تضحيات، ولأنه لم يعتد على تحمل الذل والهوان.
الاحتفال الرسمي لهذه السنة: إن تخليد الذكرى، موضوع الحديث، كان من الأولى أن يحتفل به أهالي اگزنّاية بطريقتهم الخاصة، وفق إمكاناتهم المادية ووفق شروطهم الاجتماعية والاقتصادية، وكان عليهم أن يعتزوا بها ويستخلصوا منها العبرة والدرس ويتذكروا جيدا أن أجدادهم ضحوا بكل غال ونفيس من أجل الحرية والاستقلال لهذه الأجيال.
غير أن إحياء هذه الذكرى اتخذ منحى رسميا حيث إن السلطة والإدارة المخزنية هي التي تنظم هذه الذكرى وفق إيديولوجيتها الخاصة التي ترمي إلى تنويم الضمائر واستغلال سذاجتهم حتى أصبح أهالي المنطقة لا يعرفون حقوقهم التاريخية، وأصبحوا عبارة عن سلعة غير مرغوب فيها، أو بضاعة تتعرض للمساومة نظرا لتدهور قيمتها. وهذا ما تحدث عنه شاعرنا الكبير أحمد الزياني في ديوانه الأول "Ad arigh deg wzvru" في قصيدة "علال"، صفحة 18:
Nedwer am lleccin di reswaq yetwasawem
Ijjen yeqqar d amarzag, ijjen yeqqar d asemmam.
Ijjen yeqqar ysi dt war ghar s da bu wemcan,
War ghar s bu mani, yegga x af negh rhesvran.
وما مشاركة أبناء المنطقة في الاحتفال وحضورهم إلا من أجل التصفيق والتلذذ بالخطابات الرنانة التي تحمل بعض العبارات المدحية. وأكثر هذه العبارات تداولا في هذا "المهرجان الخطابي السنوي" هي عبارة: "أبناء اگزنّاية الأشاوس". هذه الكلمة ـ الأشاوس ـ وإن كانت تعني الأقوياء والشجعان، فهي في نظري تكاد تعني "البرابر"، خاصة وأن المسؤولين تشبعوا بخطابات القومية والعروبة ويكنّون الحقد والبغضاء لأبناء هذه الأرض المباركة.
لقد اعتدنا كل سنة زيارة عامل صاحب الجلالة على إقليم تازة والوفد المرافق له من شخصيات بمختلف المرافق الإدارية وصحافيين، إلى جانب المندوب السامي لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير لمنطقتي تيزي وسلي وأجدير تخليدا واحتفالا بذكرى ثورة ثاني أكتوبر 1955. وفي مقبرة أجدير تجرى مراسيم هذا الاحتفال. كيف يتم ذلك؟
هذه صورة مقتضبة جدا حول
أول هجوم شنه المجاهدون على العدو في مركز "بورد"، وهو أول شرارة لانطلاق عمليات جيش التحرير في منطقة اگزنّاية.
أول هجوم شنه المجاهدون على العدو في مركز "بورد"، وهو أول شرارة لانطلاق عمليات جيش التحرير في منطقة اگزنّاية.
غير أن العمليات الكثيرة والشديدة القساوة هي التي سوف تتزامن وفصل الشتاء حيث سيذوق فيها المجاهدون العذاب والجوع وقسوة الظروف الطبيعية.
لن أواصل في سرد تلك المعارك البطولية التي كانت أشد وطأة على كلا الطرفين: فبالنسبة لفرنسا فقد تكبدت فيها خسائر جسيمة في العتاد والأرواح لم تعرف مثلها من قبل، مما سيضطرها إلى التراجع ومنحها للمغرب استقلاله. أما بالنسبة للمجاهدين فقد قاسوا العذاب وندرة الطعام وتخريب منازلهم ومزارعهم ومواشيهم وتشريدهم حيث كان السكان يهاجرون لدى أنصارهم بالمنطقة الخليفية آيت وارياغل وأيت أوزين، هذا فضلا عن شدة القر والبرد.
لكن إيمان المجاهدين بقيمة الحرية التي فطروا عليها جعلهم يتجرعون الألم ويتحملون عبء العذاب ويصبرون على الشدائد.كانت هذه نبذة سريعة ومقتضبة جدا عن ملحمة ثاني أكتوبر 1955 بمثلث الموت، قبيلة اگزنّاية، ولهذا الدور الطلائعي الذي لعبه أبناء هذه القبيلة في إجلاء الاستعمار وبزوغ فجر الاستقلال.
الاحتفال بذكرى الثورة: ما الهدف من تخليد ذكرى هذه الثورة كل سنة؟ وهل توحي ذكرى هذه الملحمة التاريخية بدرس وعبرة لدى الخاصة والعامة بالمغرب؟ إذا كان الأمر كذلك، فما المغزى الذي ينبغي ان يستخلص من الذكرى؟ وما جزاء المقاومين وأبنائهم على دورهم البطولي بالأمس؟ وهل فكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوما في تحسين ظروف المجاهدين وأبنائهم وتنمية مناطقهم والدفاع عن حقوقهم وتسوية أوضاعهم؟ وأخيرا، هل فكر المسؤولون في فك العزلة ورفع التهميش عن العالم القروي معقل المقاومة المسلحة، وعن التخلي عن فكرة بلاد السيبة، و"المغرب النافع وغير النافع"؟.
أسئلة كثيرة من هذا القبيل تتبادر إلى ذهن كل من تأخذه الغيرة على وطنه، والذي تسري في عروقه دماء الأنفة والبطولة. والإنسان الأمازيغي طبعه كذلك لأنه فطر على الحرية والدفاع عنها مهما كلف الأمر من تضحيات، ولأنه لم يعتد على تحمل الذل والهوان.
الاحتفال الرسمي لهذه السنة: إن تخليد الذكرى، موضوع الحديث، كان من الأولى أن يحتفل به أهالي اگزنّاية بطريقتهم الخاصة، وفق إمكاناتهم المادية ووفق شروطهم الاجتماعية والاقتصادية، وكان عليهم أن يعتزوا بها ويستخلصوا منها العبرة والدرس ويتذكروا جيدا أن أجدادهم ضحوا بكل غال ونفيس من أجل الحرية والاستقلال لهذه الأجيال.
غير أن إحياء هذه الذكرى اتخذ منحى رسميا حيث إن السلطة والإدارة المخزنية هي التي تنظم هذه الذكرى وفق إيديولوجيتها الخاصة التي ترمي إلى تنويم الضمائر واستغلال سذاجتهم حتى أصبح أهالي المنطقة لا يعرفون حقوقهم التاريخية، وأصبحوا عبارة عن سلعة غير مرغوب فيها، أو بضاعة تتعرض للمساومة نظرا لتدهور قيمتها. وهذا ما تحدث عنه شاعرنا الكبير أحمد الزياني في ديوانه الأول "Ad arigh deg wzvru" في قصيدة "علال"، صفحة 18:
Nedwer am lleccin di reswaq yetwasawem
Ijjen yeqqar d amarzag, ijjen yeqqar d asemmam.
Ijjen yeqqar ysi dt war ghar s da bu wemcan,
War ghar s bu mani, yegga x af negh rhesvran.
وما مشاركة أبناء المنطقة في الاحتفال وحضورهم إلا من أجل التصفيق والتلذذ بالخطابات الرنانة التي تحمل بعض العبارات المدحية. وأكثر هذه العبارات تداولا في هذا "المهرجان الخطابي السنوي" هي عبارة: "أبناء اگزنّاية الأشاوس". هذه الكلمة ـ الأشاوس ـ وإن كانت تعني الأقوياء والشجعان، فهي في نظري تكاد تعني "البرابر"، خاصة وأن المسؤولين تشبعوا بخطابات القومية والعروبة ويكنّون الحقد والبغضاء لأبناء هذه الأرض المباركة.
لقد اعتدنا كل سنة زيارة عامل صاحب الجلالة على إقليم تازة والوفد المرافق له من شخصيات بمختلف المرافق الإدارية وصحافيين، إلى جانب المندوب السامي لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير لمنطقتي تيزي وسلي وأجدير تخليدا واحتفالا بذكرى ثورة ثاني أكتوبر 1955. وفي مقبرة أجدير تجرى مراسيم هذا الاحتفال. كيف يتم ذلك؟