الأحد، 29 نوفمبر 2015

رجالات اڭزناية عبر التاريخ (11)| المقاوم : محمد أربعي

المقاوم الحاج محمد أربعي رحمه الله من مواليد 1898م بقبيلة أجزناية لسوء حظه فرضت الحماية على المغرب وهو مازال طفلا مما دفعه للانخراط مبكرا في مواجهة المستعمر ولكي نكون صادقين معكم لابد أن يكون كلامنا موثقا ولا نجد أحسن من بعض الكتب لشخصيات يشهد لها التاريخ بصدقيتها وجهادها ونضالها أولا كتاب ( حقائق تاريخية عن تأسيس جيش التحرير بقبيلة بجزناية ) فنقلنا بالحرف من بعض ما جاء في هذا الكتاب لمؤلفه المقاوم وعضو جيش التحرير الأستاذ بن علي عزوزي يقول : 


(أعيان قبيلة أجزناية الحاج محمد أربعي انه كان بشا مع قائد قبيلة أجزناية المعروف ب (أمغار) في العقد الثاني من القرن الماضي وأثناء الحرب التي خاضها الزعيم محمد بن عبدالكريم الخطابي من الفترة مابين 1921-1926. لمّا ظهر ابن عبدالكريم وبدأ يقاتل الإسبان ونتصر عليهم في أول معركة بجبل (اغريبن) في قبائل تمسمان وقتل 400 جندي اسباني ونتشر خبر الانتصار, جمع قائد أمغار وبشا القبيلة محمد أربعي جماعة من أعيان قبيلة أجزناية وتوجهوا جميعا إلى قبيلة (أجدير) قرب الحسيمة لتعرف على الزعيم ولانخراط معه لمقاتلة الإسبان ,فعلا استقبلهم الزعيم ومكثوا لديه ثلاثة أيام وطلب منهم أن يهيئوا جيشا من رجال قبيلة أجزناية ويأتوا إلى مكان أسمه (تمدغارت) بقبيلة( بن توزين)...

إن جيش قبيلة اجزناية بقيادة أمغار و أربعي شاركوا في معركة أنوال الشهيرة التي وقعة يوم 21مارس1921.....) ويضيف الكاتب(عندما وصل المقاومون الثلاث –عبدالله السوسي –سعيد بونعلات- و-عباس المسعدي-الى الناضور قادمين من تطوان لتأسيس جيش التحرير اتصل الثلاثة بمحمد أبوا العز والقائد علال من خلال هؤلاء تم ربط الاتصال برجال قبيلة أجزناية لتأسيس جيش التحرير وحمل السلاح من بين هؤلاء محمد أربعي وفي هاته الفترة جيء ببعض البنادق من نوع العشرية بلجيكية الصنع تحمل في أنن واحد مشط عشر رصاصات وعدد البنادق عشرة ووزعت في القرى لتدريب المقاومين في قرية( بوعنقود) التي تضم عدة مداشر ,المسئول هناك عن التدريب محمد أربعي وقد أستمر التدريب في هته القرية والمداشر لعدة أسابيع في كامل السرية والكتمان وبدأت الحركة تتسع ولكل متحمسون, والمؤمنون الصالحون ينتظرون اندلاع الثورة لاكن لأسف الشديد وصل الخبر إلى الحاكم الفرنسي (ديوا) أن جماعة من المقاومين شرعوا ينسجون في الخفاء كيفية إشعال الحرب ضد فرنسا فأمر بإلقاء القبض على بعضهم سما لهم الذين سيلقى عليهم القبض وكان من بينهم محمد أربعي.... ) ويضيف الكاتب( ان المجاهد محمد أربعي خاض عدة معارك من بينها معركة جبل (بوشبيب) التي وقعة مابين 10 و 15 أكتوبر 1955 وقتل فيها عدد كبير من جنود العدو وندحر في هته المعركة....)

كتاب حركة المقاومة وجيش تحرير المغربي للمقاوم عبدالله سوسي يذكر المؤلف :( أن تأسيس جيش التحرير يرجع الفضل فيه لرجال قبيلة أجزناية من بينهم محمد أربعي وعلى ذكر هذا المناضل الذي يعد قائد جيش التحرير......) لدي وثيقة مكتوبة بخط يده وموقعه وعليها ختم جيش التحرير يشهد فيها أن محمد أربعي من مؤسسي جيش التحرير وجميع مجهداته كانت من أجل الدفاع عن سيادة المغرب واسترجاع ملكه محمد الخامس إلى عرشه.

ستون سنة من الجهاد والمقاومة والنضال لم تثنيه عن مواصلة نضاله إلاّ عندما أصبح عاجزا لايقدر على الحركة بسبب المعانات التي عاناها في السجون والمعتقلات السرية.
ومن مواقفه الثابت التي كانت معروفة عن الحاج محمد أربعي رحمه الله أنه لم يكن همه الوحيد استقلال المغرب فحسب بل كان يهدف إلى استقلال المغرب العربي كله وذلك بتنسيق مع مقاومي ومناضلي جبهة التحرير الجزائرية الشيء الذي دفعه إلى الدفع بابنه الشهيد محمادي الملقب بحمز للجهاد في صفوف جبهة التحرير الجزائرية واستشهاده بها باعتراف من وزارة المجاهدين بالجزائر في الوقت الذي تتنكر فيه الجزائر الآن لتضحيات الشهداء المغاربة الذين استشهدوا بها دفاعا عن استقلالها وحريتها وكرامتها بل وتحولت الآن إلى خصوم ومعارضي الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

كتاب مجلس القيادة يقول المقاوم والمناضل سعيد بونعلات ( أن من بين الرجال المغامرين الذين سيتولون الهجوم والقتال في ميادين المعركة محمد أربعي ....) وبالمناسبة على ذكر هذا المناضل الكبير هو أحد قادة جيش التحرير,في سنة 1990 بمناسبة تدشين معهد الموسيقى بطنجة الذي بناه أحد أفراد عائلة الأربعين ,حضره وفد وزاري وكان من بينهم المناضل سعيد بونعلات وألقى كلمتا بالمناسبة وكانت كلها حول ما قدمه المقاوم الحاج محمد أربعي رحمه الله من جهاد ونضال ومقاومة لأجل الوطن فكل الحاضرين من سلطات المحلية والمنتخبون استغربوا لهذا الخطاب الذي ألقاه المناضل سعيد بونعلات متسائلين عن أي شخص يتكلم هذا المناضل فهم يعرفون عائلة الأربعين في طنجة ليس فيهم شخص بهاته المواصفات.

ولمن أراد معرفة المزيد عن المجاهد الحاج محمد أربعي رحمه الله فعليه الرجوع إلى المراجع التي ذكرتها لكم والتي لاغبار عليها وهناك كتب أخرى والمجال لايسمح لسرد كل ما كتب في حق هذا المقاوم وهذا كله في عهد الاستعمار.

حينما بدأ المقاومة و جيش التحرير تلفظ أنفاسها الأخيرة وبدأ السباق لكسب المناصب العليا في الدولة وأصبح كل فرض ينسب لنفسه أكبر الأعمال ويدّعي وصلا بليلى وإن كانت ليلى لاتقر لهم بذالك فنفسية الإنسان بطبيعة الحال تطمع دائما برتب العالية وإلى كسب المناصب ذات الصلة والجاه,لكن المقاوم الحاج محمد أربعي رحمه الله لم يسعى يوما إلى منصب في الدولة أو امتياز أو طلب مقابلا لكفاحه ونضاله فكل نضاله كان في سبيل الله وفي سبيل استقلال الوطن واسترجاع ملكه إلى عرشه وبناء دولة الحق والقانون وكرّس حياته لأجل ماذكر.

أستقل المغرب لكن معانات هذا المقاوم لم تنتهي مع نهاية الاحتلال فنظرا لكونه كان من المطالبين بالاستقلال الكامل والغير المنقوص وبمغرب حر يسود فيه العدل وحقوق الإنسان والمساواة وهذا ما جلب عليه وعلى أفراد أسرته الصغيرة متاعب كبيرة ,أعتقل عدة مرات وكان أشهرها في 17 يوليوز 1963 بما سمي آنذاك المؤامرة وسمية بأشهر محاكم بالمغرب معا ما صاحبها من تعذيب وتنكيل وسوء المعاملة وهو ما يسمى اليوم بسنوات الجمر والرصاص.

فبعد ما يقارب من سنة قضاها بمعتقلات السرية أودع بسجن القنيطرة بحي الأشغال الشاقة قبل أن يحال على المحكمة ليحاكم برفقة مناضلي الحركة الوطنية أمثال وزير الأول السابق عبدالرحمان اليوسفي .

إن هذا المجاهد وقع عليه الظلم من طرف المستعمر وأثناء سنوات الجمر والرصاص و كل هذا لم يؤثر به لأنه اعتبر نفسه أنه مجاهد يجاهد في سبيل الله والله تعالى يقول بعد بسم الله الرحمان الرحيم : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (218) سورة البقرة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (31) سورة محمد
صدق الله العظيم.